للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو بن عامر لقومه، من وجد منكم جرهميًا قد قارب الحرم، فدمه هدر، فنزعت إبل لمضاض بن عمرو بن الحارث بن مضاض بن عمرو الجرهمي من (قنونا) تريد مكة، فخرج في طلبها حتى وجد أثرها قد دخلت مكة، فمضى على الجبال من نحو أجياد حتى ظهر على جبل أبي قبيس يتبصو الإبل في بطن وادي مكة. فأبصر الإبل تُنحر، وتأكد بأنه لا سبيل إليها، فخاف إن هبط الوادي أن يقتل فولى منصرفًا إلى أهله وأنشأ يقول:

فكنا ولاة البيت من بعد نابت … نطوف بهذا البيت والخير ظاهر

فَأخْرَجنَا منها المليك بقدرةٍ … كذلك بين الناس تجرى المقادر

واحتازت خزاعة بحجابة الكعبة وولاية أمر مكة وفيهم بنو إسماعيل بن إبراهيم بمكة وما حولها لا ينازعهم أحد منهم في شيء من ذلك ولا يطلبونه، فتزوج لُحي وهو ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، فهيرة بنت عمرو بن الحارث ابن مضاض بن عمرو الجرهمي ملك جرهم، فولدت له عَمْرًا، وهو عمرو بن لحي، وبلغ بمكة وفي العرب من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده في الجاهلية، وهو الذي قسم جمين العرب في حطمة حطموها عشرة آلاف ناقة، وكان أول من أطعم الحاج سدايف الإبل ولحمانها على الثريد، وعم فى تلك السنة جميع حاج العرب بثلاثة أثواب من برود اليمن، وكان قد ذهب شرفه في العرب كل مذهب. وكان قوله فيهم دينًا متبعًا لا يخالف، وهو الذى نصب الأصنام حول الكعبة، وهو أول من غير الحنيفية دين إبراهيم وكان أمره بمكة مطاعًا لا يُعصَى (١).

وكان بمكة شاعر من جرهم على دين إبراهيم فقال يناشد عمرو بن لُحي:

يا عمرو لا تظلم بمكة … إنها بلد حرام

سائل بعاد أين هم … وكذاك تحترم الأنام

وبنو العماليق الذين … لهم بها كان السوام (٢)


(١) أخبار مكة ١/ ١٠٠، ١٠١.
(٢) أخبار مكة ١/ ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>