للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زوجه بنتًا، ثم أمسكها عنه، فلم يدخلها عليه حتى مات. فلما هلك الوليد بن المغيرة، وثبت بنو مخزوم على خزاعة يطلبون منهم عقل (١) الوليد وقالوا: إنما قتله سهم صاحبكم -وكان بني كعب حلف من بني عبد المطلب بن هشام- فأبت عليهم خزاعة ذلك، حتى تقاولوا أشعارًا وغلظ بينهم الأمر - وكان الذي أصاب الوليد سهمهُ رجلًا من كعب بن عمرو من خزاعة.

قال عبد اللَّه بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمرو بن مخزوم:

إني زعيم أن تَيسرُوا فهرّبُوا … وأن تتركوا الظَّهْران تَعوي ثَعالبُهُ (٢)

وأنْ تَتركُوا مَاءً بجزعة أطرْقَا … وَأَنْ تَسأَلُوا: أيُّ الأراك أطَايبهُ (٣)

فإنَّا أناسٌ لا تُطَلّ دِماؤُنَا … ولا يَتَعالى صَاعِدًا مَنْ نُحَارِبُهُ (٤)

وكانت الظهِرّان والأراك منازل بني كعب، من خزاعة، فأجابه الجون بن أبي الجون، أخو بني كعب بن عمرو الخُزاعي فقال:

واللَّه لا نُؤْتِي الوليد ظُلامةً … ولَمَّا تَرَوا يومًا تَزُولُ كَواكِبُهْ

ثم إن الناس ترادوا وعرفوا أنما يخشى القوم السبة، فأعطتهم خزاعة بعض العقل، وانصرفوا عن بعض وقال الجون (٥) الخزاعي:

فَنَحْنُ خَلطنا الحربَ بالسِّلم فاستوت … فأمَّ هواه آمنًا كلُّ رَاحِلِ

مقتل أبي أزهر الدوسي: ثم عدا هشام بن الوليد على أبي أُزيهر، وهو بسوق ذي المجاز، وكان عند أبي سفيان بن حرب (عاتكة) بنت أبي أزيهر، وكان أبو أُزيهر رجلًا شريفًا في قومه، فقتله الوليد لوصية أبيه إياه، فغضب يزيد بن أبي سفيان فجمع بني عبد مناف، وأبو سفيان بذي المجاز، وأخذ يحرضهم على الانتقام وعلم أبو سفيان وذهب إلى ولده وأحضره وهو في الحديد وأخذ الرمح


(١) العقل: الدية.
(٢) الزعيم هنا: الضامن، والظهران، واد قرب مكة.
(٣) الجزعة والجزع: معظم الوادي، وقيل: ما انثنى منه. وأطرقا: اسم علم لموضع، سُمي بفعل الأمر للاثنين، فهو محكي لا يعرب.
(٤) طل دمه (بالبناء للمجهول): هدر ولم يثأر به.
(٥) وسيأتي الجون وشعره في باب شعراء خزاعة - ورده على الشاعر المخزومي.

<<  <  ج: ص:  >  >>