للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشعر منبه بالخطر فقال: يا تميم اُنج بنفسك، فأما أنا فواللَّه إني لميت قتلوني أو تركوني، لقد انبَثَّ فؤادي وانطلق تميم فأفلت، وأدركوا مُنْبَها فقتلوه (١).

فقال تميم (٢) يعتذر من فراره عن منبه:

لَمَّا رأْيتُ بَنِي نُفاثَةَ أَقْبَلوا … يَغْشَوْنَ كُلَّ وَثيرَة وحِجَابِ (٣)

صَخْرًا وَرَزْنًا لا عَريبَ سوَاهُمُ … يُزْجُونَ كُلّ مُقَلَّصٍ خَنَّابِ (٤)

وذَكرتُ ذَحلا عِندنَا مُتَقَادِمًا … فيما مَضَى مِن سَالِف الأحْقابِ (٥)

ونَشَيْتُ ريحَ المَوَتِ مِنْ تلقَائهم … وَرهِبْتُ وَقْعَ مُهَنَّدٍ قَضَّابِ (٦)

وَعَرفتْ أنَّ مَنْ يَثْقَفُوهُ يَتْركُوا … لَحْمًا لمُجرِية وَشِلوَ غُرَابِ (٧)

قَوَّمتُ رجْلا لا أخاف عثارَها … وطَرَحتُ بالمَتنِ العَرَاء ثيابِي (٨)

ونَجَوتُ لا يَنجو نَجائي أَحْقَبٌ … عِلجٌ أَقَبُّ مُشَمِّر الأَقْرَابِ (٩)

تَلْحَى ولو شَهِدَتْ لكان نكيرُها … بَولا يَبُلُّ مَشافرَ القَبْقابِ (١٠)

القَومُ أعْلَم ما تَركْتُ مُنَبِّهًا … عن طيب نَفْسٍ فاسْأَلِي أَصْحَابِي (١١)


(١) سيرة ابن هشام ٣/ ٣٩٠.
(٢) قال ابن هشام: وتروي لحبيب بن عبد اللَّه الأعلم الهذلي. وبيته "وذكرت ذحلا عندنا متقادعًا" عن أبي عبيدة، وقوله "خناب" و"علج أخب مشمر الأقراب".
(٣) وثير: الأرض اللينة الرطبة، ومنه يقال: فراش وثير: إذا كان رطبا. وثير: الأرض الممتدة. والحجاب: ما أطمان من الأرض وخفى.
(٤) لا عريب: أي لا أحد، يقال: ما بالدار عريب. ويزجون: يسوقون. والمقلص: الفرس الشمر. والخناب: الفرس الواسع المنخرين. ويروى خباب: أي مسرع، من الخبب: السرعة في السير.
(٥) الذحل: طلب الثأر. الأحقاب: السنون.
(٦) نشي: شم. والمهند القضاب: السيف القاطع.
(٧) المجرية: اللبؤة التي لها جراء أي أولاد. والشلو: بقية الجسد.
(٨) المتن: ما ظهر من الأرض وارتفع. والعراء: الخالي لا يخفى فيه شيء.
(٩) نجوت: أسرعت. وأحقب: أي حمار وحش أبيض المؤخر، وهو موضع الحقيبة. وعلج: غليظ. وأقب: ضامر البطن. ومشمر الأقراب: منقبض الخواصر وما يليها.
(١٠) تلحى: تلوم. والمشافر النواحي والجوانب. والقبقاب من أسماء الفرج. ونكير: أمر شديد صعب.
(١١) سيرة ابن هشام ٣/ ٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>