للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدك والباطل في يد غيرك، والقول لك ممكن، فقل ما تكذبه به، فأمَّا القتل فإني لست أستعمله إلا فيمن عَظُم ذنبه أفأستعمله في شاعر؟ فاعترض بينهما ابن أبي الشيص، فقال يهجو أبا سعد:

أنا بَشرْتُ أبا سعـ … ــد فأعطاني البشارَهْ

بأبٍ صِيد له بالأمـ … ــسِ في دار الإمارَهْ

فهو يومًا من تَميمٍ … وهو يومًا من فَزارَهْ

كل يوم لأبي سعـ … ـــد على الأنساب غَارَهْ

خَزَمَتْ مَخْزمُ فَاه .. فادَّعاها بالإشَارَهْ (١)

وقال فيه أيضًا:

أبا سعدٍ بحق الخَمس … والمفروض من صَومِكْ

أقُلت الحقَّ في النسبة … أمْ تَحلمُ في نومِكْ

أين لي أيها المغرو … ر ممَّنْ أنت في يومكْ

فَولَّى قَائلًا لو شئتَ … قد أقْصرت من لومكْ

ودعني أكُ من شئتُ … إذا لم أك من قَوْمِكْ (٢)

يقول ابن معتز: حدثني النَّوْفليّ قال:

كنا بواسط ومعنا ابن أبي الشيص، فتجارينا أمر الشعراء، ففضلنا بعضًا على بعض، فقال ابن أبي الشيص: أنا أشعر الناس، وكان أشعر منِّي أبي ومن جميع من مضى ومن بقي، فقلت له: كذبت في نفسك خاصَّةً، فأما أبوك فلعمري إنه كان أشعر اهل زمانه. وكانت بابن أبي الشيص لُوثة، لأنَّ السوداء غلبتْ عليه، فاختَلَطَ واشتاط (٣) وخرق ثيابه، ثم زجّ نفسه في دجلة وكان فينا جماعة يسبحون فأخرجناه وهو لا يعقل لما به من البرد -وكان يوم شديد البرد- فَدثّرناه حتى تماسك وقوي قليلًا، فلما أصبح مات ومما يستحسن له:


(١) الأغاني ٢٠/ ١٣٠.
(٢) الأغاني ٢٠/ ١٣١.
(٣) اشتاط: التهب غيظًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>