للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ كُنْتُ ذَاتَ حميةٍ ما عِشْتَ لي … أمْشي البَرازَ وكُنْتَ أنْتَ جَناحِي (١)

فاليَوْمَ أخْضَعُ للذَّلِيلَ وأتَّقي … منهُ وأدْفَعٌ ظالمي بالرَّاحِ (٢)

وأغُضُّ من بَصَري وأَعْلَمُ أنَّهُ … قَدْ بَانَ حَدِ فَوارِسي ورِمَاحِي (٣)

وَإِذَا دَعَتْ قُمْريَّةٌ شَجَنًا لَهَا … يومًا عَلَى فَنَنٍ دَعَوتُ صَبَاحِي (٤)

وقالت فاطمة أيضًا:

إخَوتَي لا تَبعدُوا أَبَدًا … وَبَلَى واللَّهِ قَدْ بَعدُوا (٥)

لَوْ تَمَلَّتهُمْ عَشِيرَتُهُمْ … لاقْتِنَاءَ العزِّ أَوْ وَلَدُوا (٦)

هانَ منْ بَعْضِ الرَّزيَّةِ أَوْ … هانَ مِنْ بَعْضِ الَّذي أجِدُ (٧)

كُلُّ مَا حَيٍّ وَإِنْ أمِرُوا … وارِدُوا الحوضِ الَّذِي ورَدُوا (٨)


(١) الحمية: الأنفة والعزة. والبراز: الفضاء. وجناحي: أي قوتي - والمعنى: قد كنت لي في حياتك صاحبة عزة وأنفة أقطع الفلاة الواسعة وحيدة لا أرهب أحدًا لأنك قوتي وحصني.
(٢) الراح: الكف - والمعنى: أني أصبحت اليوم ذليلة خاضعة لكل امرئ ليس لي ما أدفع به ظالمي إلا كفي.
(٣) بان: انفصل: والمعنى: أني أعرض عمن نالني بسوء لعلمي أن الذي كان قائدًا للفوارس وكان كحد الرمح في الشدة والقوة انفصل عني.
(٤) الشجن: الحزن. والفن: الغصن الناعم. والمعنى أني إذا سمعت نوح القمرية حزنًا على إلفها فوق الغصن ناديت واسوء صباحاه. (حماسة أبي تمام ١/ ٣٧٦).
(٥) إخوتي: منادى - والمعنى يا إخوتي لا أريد هلاككم طول الدهر ولكن قدر اللَّه ضد مرادي.
(٦) تملتهم تمتعت بهم زمنًا طويلًا.
(٧) الرزية: المصيبة. ومعنى البيتين الثاني والثالث: لو تمتعت بهم عشيرتهم زمنًا طويلًا حتى حازت العز أو خلفوا أولادًا لخف بعض المصيبة أو بعض ما أجده من الحزن.
(٨) ما: زائدة: وأمروا: أي عمروا. والضمير يرجع إلى كل. والمعنى: كل الأحياء وإن عمروا طويلًا لابد أن يردوا الحوض الذي ورده إخوتي. حماسة أبي تمام ١/ ٣٧٨ وورد في نشوة الطرب أنها قالت الأبيات المذكورة: كان لها إخوة فاطلعت في بئر، فسقطت لها مدرى من فضة، فنزل أحدهم يخرجها فأسن فمات، ومازال ذلك دأبهم واحدًا بعد واحد إلى أن ملك السبعة، وفيهم قالت الأبيات. ومعنى المدرى والمِدْراة: ضرب من الأمشاط. وأسن: غشي من شدة ريح البئر.
وقال زهير:
يغادرُ القِرْنَ مُصْفرًا أنَاملُهُ … يميدُ في الرُّمحِ سَيْد المائِحِ الأسنِ
نشوة الطرب ١/ ١٩٧، ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>