للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنّي لِعَهدِ الوُدِّ راعٍ وَإِنَّنِي … بِوَصْلِكَ، ما لَمْ يَطوِنِي المَوْتُ طامِعُ (١)

إن الشاعر قيس ابن الحدادية يذكر بألم ولوعة فراق نعم أم مالك له ويصور حاله بعدها وما قد يصيبه إذا ما صروف الليالي مستها بسوء، فهو شغوف يحبها حتى ملت عليه حياته، فهو كثير الوقوف على الأطلال وفي هذه القصيدة يقول:

سَقى اللَهُ أَطْلالا بَنُعمٍ تَرادَفَتْ … بِهِنَّ النُوى حَتَّى حَلَلنَ المَطالِيا (٢)

فَإِنْ كَانَتِ الأَيَّامُ يا أُمَّ مالِكٍ … تُسَلِّيكُمُ عَنِّي وَتُرضي الأَعادِيا

فَلا يَأْمَنَنَّ بَعْدِي امرِؤٌ فَجْعَ لَذَّةٍ … مِنَ العَيشِ أَو فَجْعَ الخُطُوبِ العَوافِيا (٣)

وَبُدِّلْتُ مِن جَدْواكِ يا أُمَّ مالِكٍ … طَوارِقُ هَمٍّ يَحتَضِرْنَ وَسَادِيَا (٤)

وَأَصْبَحْتُ بَعْدَ الأُنْسِ لابِسَ جُبَّةً … أُساقِي الكُماةَ الدَّارِعينَ العَوالِيا (٥)

فَيَوماي يَوْمٌ في الحَديدِ مُسَرْبَلًا … وَيَوْمٌ مَعَ البيضِ الأَوَانِسِ لاهِيا

فَلا مُدْرِكًا حَظًّا لَدَى أُمِّ مَالِكٍ … وَلا مُسْتَريحًا في الحَيَاةِ فَقَاضِيَا (٦)

خَليلَيَّ إنْ دَارَتْ عَلَى أُمِّ مَالِكٍ … صُرُوفُ اللَّيالِي فَابعَثَا لِيَ نَاعِيا

وَلا تَتْرُكَانِي لا لخَيْرٍ مُعَجَّلٍ … وَلا لِبَقاءٍ تَنْظُرانِ بَقائِيا

وَإِنَّ الَّذِي أَمَّلَتُ مِنْ أُمِّ مَالِكٍ … أَشَابَ قَذَالِي وَاسْتَهَامَ فُؤادِيا (٧)

فَلَيْتَ المَنَايا صَبَّحَتْنِي غُدَيَّةً … بِذَبحٍ وَلَمْ أَسْمَعْ لِبَيْنٍ مُنَادِيَا (٨)


(١) القصيدة وردت في الاختيارين ٢٢٥، وفي الأغاني ١٤/ ١٣٦ وجاء التعليق في حاشية الاختيارين بأن اختلافًا ورد بين الرواة حول عدد أبيات القصيدة بين زيادة ونقص. منهم من قال عن أبي عمرو الشيباني أربع وأربعون بيتًا، ورواها اليزيدي عشرة أبيات وقال أبو العباس: قلت لأبي عبد اللَّه بن الأعرابي: إنها ثمانون بيتًا. قال: أنشدها فإنه ليس فيها غير هذه العشرة الأبيات، فأنشدتها، فكان كما قال وحكى لنا أن عائشة بنت طلحة أنشدتها، فقالت: من زادني على هذه العشرة الأبيات فله بدنة. الاختبارين، ذكر الحاشية عن أمالي اليزيدي ص ١٥٣، ١٥٤.
(٢) المطالي: الأرض السهلة اللينة تنبت الغضاة. ترادفت: تتابعت عليها الرحلة.
(٣) العوافي: جمع عافية وهي الطامسة.
(٤) الجدوى: العطبة.
(٥) الجبة: الدرع. والكماة: جمع كمي، وهو الشجاع المتكي في سلاحه أي المتغطي المتستر بالدروع والبيضة. ورجل دارع: عليه درع. والعوالي جمع عالية، وهي أعلى الرمح ورأسه.
(٦) قاضيًا: ميتًا من قضي، أي مات.
(٧) القذال: جماع مؤخر الرأس. واستهام فؤاده: أذهبه.
(٨) غدية مثل عشية: والجمع غدايا كمشية وعشايا. والبين الفراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>