للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرَى الرِّجُلَ النَّحِيفَ فَتَزْدَرِيهُ … وَفي أَثْوَابَهُ أَسَدٌ هَصُورُ (١)

وَيُعْجِبُكَ الطَّريرُ إِذَا تَرَاهُ … فَيُخَلِفُ ظَنَّكَ الرَّجُلُ الطَّريرُ (٢)

بُغَاثُ الطَّيرِ أَطْوَلُهَا رِقَابًا … وَلَمْ تَطُلِ البُزَاة وَلَا الصُّقُورُ (٣)

خِشَاشُ الطَّيْرِ أَكْثرُهَا فِراخًا … وأُمُّ الصَّقْرِ مِقْلاةٌ نَزُورُ (٤)

ضِعافُ الأُسْدِ أَكثَرُهَا زَئيرًا … وأَصْرَمُها اللواتي لا تَزِيرُ

وَلَقَدْ عَظُمَ البَعِيرُ بِغَيْرِ لُبٍّ … فَلَمْ يَسْتَغْنِ بِالعَظْمِ البَعِيرُ

يُنَوَّخ ثُمَّ يَضْرِبُ بالهَرَاوَى … فَلَا عُرْفٌ لَدَيْهِ وَلَا نكيرُ (٥)

يُقَوِّده الصَّبِيُّ بِكُلِّ أرضٍ … ويَنْحَرُه عَلَى التُّرَبِ الصغيرُ (٦)

فقال عبد الملك: للَّه دره، ما أفصح لسانه، وأضبط جنانه، وأطول عنانه! واللَّه إني لأظنه كما وصف نفسه.

من خلال مسار الحديث أرى أن هذه هي المقابلة الأولى لكُثَيِّر مع عبد الملك ابن مروان حتى قال له: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، ورد كُثَيِّر بالشعر عليه.

لم ينظر الأمويون إلى كُثَيِّر نظرة عدائية لاعتناقه مذهبًا يخالف مذهبهم، ولتظاهره بحب الإِمام علي بن أبي طالب وأولاده وأحفاده، بل كانوا لا يصدقونه بمسألة ما، إلا إذا اقسم لهم به، لأنهم يعرفون مدى إخلاصه له، فكان يأتي ولد حسن بن حسن فيهب الدراهم لهم، ثم يأتي إلى معاوية بن عبد اللَّه بن جعفر فيقبله ويقول له: أنت من الأنبياء الصغار ورب الكعبة.


(١) وردت القصيدة في حماسة أبي تمام بأنها لعباس بن مرداس، وفي حاشية الحماسة ٢/ ٢٠ قال: إن هذا الشعر لمعاوية بن مالك، أما المصدر الذي نسبه إلى كُثَيِّر هو أمالي القالي ١/ ٤٦ وهو مرجعنا، وقد ورد في الحماسة قافية البيت. . . مزير - والاختلاف هنا بين المرجعين. الحماسة وأمالي القالي.
(٢) صدر البيت (ويعجبك الطرير فتبتليه).
(٣) صدر البيت (ضعاف الطير أطوالها جسومًا).
(٤) صدر البيت (بغاث الطير أكثرها فراخًا).
(٥) ويضربه الوليد بالهراوي فلا غير لديه ولا نكير.
(٦) ولقد ورد (يصرفه الصبي بكل وجه ويحسبه على الخسف الجرير).
ولقد ورد في حماسة أبي تمام ٢/ ٢٠ زيادة:
فإن أكُ في شراركمُ قليلا … فإني في خياركمُ كثير

<<  <  ج: ص:  >  >>