للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعضَّيت أَعواد رحلي به … وناباه من زمعٍ يضربان (١)

فلما استقلَّ بأَجْرانهِ … ولانَ على السَّيْرِ بعضَ اللِّيانِ

قَطعتُ بهِ من بلادِ الشامِ … خُرُوقًا يضَلُّ بها الهاديانِ (٢)

إلى مَلكٍ من بني هاشمٍ … كريم الضرائب سبط البنانِ

إلى عَلمِ البأسِ في كفِّه … من الجود عينان نضَّاختانِ (٣)

ومن قلائد أبي الشيص قصيدته التي مدح بها عقبة بن الأشعث الخزاعي فقال:

مَرَتْ عَيْنَهُ للشَّوقِ فالدمْعُ مُنْسَكِبْ … طُلولُ ديارِ الحيِّ والحيُّ مغترِبْ (٤)

كسا الدّهرُ بُرْدَيْهَا البِلى ولرُبّما … لَبسْنا جديديْها وأعلامنا قُشُبْ (٥)

فغيَّر مغناها ومحَّتْ رسُومَها … سَماءٌ وأرواحٌ ودهرٌ لها عَقَبْ (٦)

تَبدَّلتِ الظُّلْمانِ بعد أَنيسها … وَسُودًا من الغِربانِ تبكي وتنتحبْ (٧)

وعهدي بها غنَّاء مخضَرَّة الرُّبا … يَطيبُ الهوى فيها ويستحسن اللَّعب

وفي عَرصَات الحيِّ أَظْبٍ كأنَّها … موائِدُ أغْصانٍ تأَوَّدُ في كُثُبْ (٨)

عَفائفُ لم يكشفن سِترًا لِغَدْرَةٍ … ولم تَنْتحِ الأطرافُ منهنَّ بالرِّيبْ

فأدْرجَهم طيُّ الجديدينِ فانطَوَوْا … كذاك انصداعُ الشَّعْب ينأَى ويقترب

وكأسٍ كسا الساقي لنا بعْد هَجَعَة … حواشَيها ما مَجَّ من ريقهِ العنبْ (٩)

كُمَيْت أَجادتْ جمرةُ الصيفِ طَبْخَها … فآبَتْ بلا نار تُحَشُّ ولا حَطَبْ (١٠)

لَطيمة مِسكٍ فُتَّ عَنْهَا خِتامُها … معتَّقة صَهْباءُ حِيريَّة النَّسَبْ (١١)


(١) عضيت مخفف عضضت بصاحبي: لزمته ولزقت به. وفي الأصل: نابان. هذا والزمع: الدهش.
(٢) الخروق: جمع خرق وهو الأرض الواسعة تنخرق فيها الرياح.
(٣) عين نضاخة: فوارة غزيرة. طبقات الشعراء ٨٠.
(٤) مرت عينه: مسحها لتدر الدمع.
(٥) قشب: جمع قشيب وهو الجديد.
(٦) الرواح: جمع ريح. والعقب: الجري بعد الجري.
(٧) الظلمان: جمع ظليم وهو ذكر النعام.
(٨) العرصات: ساحات الديار. وموائد جمع مائدة وهي المائلة. وتأود: تنحي وتنعطف.
(٩) هجع: الهُجُوعُ: النوم ليلًا، ويقال: أتيت فلانًا بعد هجعة: أي بعد نومة خفيفة من الليل.
(١٠) الحمراء: شدة الظهيرة، وحمارة القيظ: شدة الحر. وحش النار، إذا أوقدها.
(١١) اللطيمة: وعاء المسك.

<<  <  ج: ص:  >  >>