للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأبكى لك الويْلُ أما كنت باكية … لعَبْد شَمْسٍ بَشَرْقيّ البنياتِ

وهاشمٍ في ضريحِ وَسْطَ بَلقعةٍ … تَسْفِي الرياحُ عليهِ بين غَزَّاتِ

ونوفلٍ كان دون القوم خالِصتي … أمس بسلْمان في رَمْسٍ بموماة (١)

لم ألْق مثلَهُمُ عُجْما ولا عربا … إذا استقلَّتْ بِهم أُدْمُ المَطَّيَّاتِ (٢)

أَمْسَتْ دِيَارُهُمُ منهم مُعَطَّلةً … وقد يَكُونُونَ زَيْنا فِي السرِيَّاتِ (٣)

أفْناهُمْ الدَّهْرُ أم كَلَّت سيوفُهُمُ … أم كُلّ مَنْ عَاشَ أزواد المَنيَّاتَ (٤)

أَصْبحتُ أَرْضى من الأقوام بعدَهُمُ … بَسْطُ الوجوهِ وإلقاءُ التحيَّاتِ

يا عينُ فابكي أَبًا لشّعثِ الشجيَّات … يَبْكينه حُسَّرًا مثل البَلِيَّاتِ (٥)

يبكين أكرم مَنْ يَمْشِي على قَدَمٍ … يُعْوِلْنَهُ بِدُموعٍ بعد عَبراتِ (٦)

يَبْكِينَ شَخْصًا طَوِيلَ البَاعِ ذَا فَجَر … آبِي الهضيمة فَرَاجَ الجَلِيلَاتِ (٧)

يبكين عمرو العُلا إِذْ حَانَ مَصْرَعُهُ … سَمَحَ السَّجيَّة بَسَّامَ العَشِيَّاتِ (٨)

يَبْكِينَهُ مُسْتَكِينَاتٌ على حَزَنٍ … يا طولَ ذلك مِنْ حزنٍ وعَوْلَاتِ

يبكين لمَّا جلاهُنَّ الزَّمانُ له … خُضْرُ الخدودِ كأمثالِ الحَمِيَّاتِ (٩)

مُحزمات عَلَى أوساطهِنّ لِمَا … جرّ الزَّمانُ مِن أَحْدَاثِ المُصَيباتِ

أُبِيتُ لَيْلي أُرَاعي النَّجمَ من ألمٍ … أبكي وتبكي معي شَجْوِى بُنيَّاتي


(١) الموماة: القفر.
(٢) أدم المطيات: الأدم من الإبل: البيض الكرام.
(٣) السريات: جمع سرية وهي القطعة من الجيش أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو. وهم خيار العسكر.
(٤) أزواد المنيات: ويزوي (ازواد). يريد القوم الذين يريدون الموت، شبههم بالذين يردون الماء.
(٥) الشجيات: الحزينات. وينكر بعض أهل اللغة تشديد باء الشجي ويقولون بأن ياء الشجي مخففة وياء الخلي مشددة. البليات: جمع بليه وهي الناقة التي كانت تعقل عند قبر صاحبها إذا مات حتى تموت جوعًا وعطشًا.
(٦) كان الوجه أن يقول "عبرات" بالتحريك: إلا أنه أسكن للتخفيف ضرورة.
(٧) الهضيمة: الذل والنقص. والجليلات: الأمور العظام.
(٨) السجية: الطبيعة. وبسام العشيات: يريد أنه يبتسم عند لقاء الأضياف لأن الأضياف أكثر ما يردون عشية.
(٩) الحميات: الإبل التي حميت الماء: أي منعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>