للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما دخلت جويرية على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: يا رسول اللَّه، أنا جُويرية بنت الحارث، سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، وقد كاتبت على نفسي، فأعني على كتابتي.

فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أو خير من ذلك، أؤدي عنك كتابك وأتزوجك.

قالت: نعم.

ففعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فبلغ الناس أنه قد تزوجها، فقالوا: أصهار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق، فلقد أعتق بها مائة أهل بيت من بني المصطلق، "فما أعلم امرأة، أعظم بركة منها على قومها". هكذا قالت عائشة.

ولما تزوجها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حجبها، وقسم لها، وكان اسمها بَرَة فسماها جويرية (١).

روت جويرية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- روى عنها ابن عباس وغيره.

وجاء في الطبقات الكبرى: سبى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بني المصطلق فوقعت جويرية في السبي فجاء أبوها فافتداها ثم أنكحها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وفي رواية أخرى: فجاء أبوها إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إن ابنتي لا يسبى مثلها فأنا أكرم من ذاك فخل سبيلها، قال: أرأيت إن خيرناها أليس قد أحسنا؟ قال: بلى وأديت ما عليك. فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيرك فلا تفضحينا.

فقالت: فإني قد اخترتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: قد واللَّه فضحتنا. وتوفيت جويرية سنة ست وخمسين وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة وصلى عليها مروان ابن الحكم (٢) في خلافة معاوية بن أبي سفيان.

لقد كان هذا الزواج زواجًا سياسيًا كونها ابنة سيد قومها وبزواجه منها انتهى العداء حيث أطلق الأسرى من بني المصطلق وأصبح الجميع في خندق المسلمين.


(١) أسد الغابة ٧/ ٥٧.
(٢) الطبقات الكبرى ٨/ ١١٧ والاستيعاب ٤/ ٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>