صاحب "الأغاني" وملخصه (١): أن المنتشر الباهلي كان له ابن يقال له سيدان، قتلته بنو جَعْدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، فأغار عليهم، ثم على بني سُبَيْع، فقتل ثلاثة نفر، وكانت باهلة قد انضوت إلى بني كعب، فلما قتل المنتشر من قتل من جعدة، تصدَّعت باهلة، فلحقت فرقة منهم وهم بنو وائل بعقال بن خويلد العُقَيْليِّ، فأجارهم، ولحقت بنو قتيبة ورئيسهم جَحْل الباهلي بيزيد بن عمرو بن الصَّعق الكلابي فأجارهم، فلما أرادت بنو جعدة قتال باهلة قال عقَالٌ: لا تقاتلوهم فقد أجَرتهم، فأما أحد القتلى الثلاثة منكم فهو بالمقتول، وأما الآخران فعليَّ ديتهما، فقالوا: لا نقبل إلا القتال، ولا نريد من بني وائل دية، فلم يزل بهم حتى قبلوا الدية، وانتقلت وائل إلى قومهم، وفي ذلك يقول النابغة الجعديُّ -وذكر عقالا- وحذَّرهُ حربًا كحرب البسوس-:
وما نقل صاحب "الأغاني" من أن بني وائل انتقلوا إلى قومهم ليس صحيحًا، فحادثة ابن المنتشر التي سببت التجاء بني وائل بالعقيلي كانت في العهد الجاهلي، وسيأتي ما يدل على أن الوائليين أولئك استقروا بعيدًا عن قومهم في بيشة ونواحيها وكانت من منازل بني عقيل، ولما جاء الإسلام وفد من بني وائل من باهلة وافد كتب معه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لباهلة ما أحيت من بلاد بيشة.
وقد تكون هناك فروع من القبيلة فارقتها قبل حادثة ابن المنتشر، فبنو جئاوة استقر كثير منهم على ضفاف وادي التَّسْرير (الرشاء الآن) في أعاليه بجوار غَنِيٍّ أبناء عمومتهم، بحيث إن بعض النسابين لم ينسبهم في باهلة، ولا شك أنهم منهم، وأن استقرارهم في تلك البلاد في عهود متقدمة.