جاء ابن السيرافي بغلطتين فاحشتين في تفسير هذا الشعر، لأنه ذكر أن بني ضبة أغارت على باهلة فهزمتهم باهلة، وهذا بجهله بسِلِي أنها في بلاد باهلة أو ببلاد ضبة، وجاء بالأبيات أيضًا متفرقة لا متوالية، وفيها أيضًا تقديم وتأخير.
والصواب ما ذكره أبو الندى -رحمه اللَّه- قال: أغار شقيق بن جزء الباهلي على ضبة بسلَّى وسَاجِرِ وهما روضتان لِعُكْلٍ، وإياهما عني سُوَيْد بن كُرَاع بقوله:
أَشَتَّ فُؤاديْ منْ هَوَاهُ بِسَاجِرٍ … وآخَرُ كوْفِيٌّ هَوًى مُتَبَاعِدُ
وضبَّة وَعُكْلُ وعَدِيٌّ وتَيْمُ حلفاء متجاورون، وفيهم يقول لقيط بن زُرَارة:
ألا مَنْ رَأَى العَبْدَيْنِ إِذْ ذُكِرُوا لَهُ … عَدِيٌّ وَتَيْمٌ تَبْتَغِي مَنْ تُحَالِفُ
فَحَالِف فَلا واللَّه تَهْبِطُ تَلْعَةً .. مِنَ الأَرْضِ إِلا أَنْتَ للذُّلِّ عَارفُ
وَضَبَّةُ عَبْدٌ ثَالثٌ لا أَخَا لَهُ … كَمَا زَيَّفَ النُّمِّي بَالْكَفِّ صَارِفُ
فهزمهم، وأفلت عوفُ بن ضرار في ذلك اليوم، وحكيم بن قَبِيْصة بن ضرار بعد أن جرح، وقتلوا عبيدة بن قضيب الضبي. وقال شقيق بن جزء في إفلات عوف بن ضرار:
أَفْلَتَنَا لَدَى الأَسْلاتِ عَوْفٌ … لَدَى الوَرْهَاء تَطْعَنُ فِي اللِّجَامِ
وكَانَ هُوَ الشِّفَاءَ فَأَخرَزَتْهُ … صَنِيعَ المَتْنِ رَابِيَةَ الجِزَامِ
كَأَنَّ حَمَامَةً وَرْقَاءَ يُرْمَى … بِهَا الرَّجَوَانِ مِنْ وُرْقِ الحَمَامِ
أَهَانَ لَهَا الطَّعَامَ فَلَمْ تُضِعْهُ … غَدَاةَ الرَّوْعِ إِذَ أَزَمَتْ أَزَامِ
وقال شَقيقُ في يوم سِلَّى:
لَقَدْ قَرَّتْ لَهُمْ عَيْنِي بسلَّى … وَرَوْضَة سَاجِرٍ ذَاتِ العَرَارِ
جَزَيْتُ المُلْحِبِينَ بمَا أَزَلَّتْ … مِنَ البُؤَسَى رِمَاحُ بَنِي ضرَارِ
نُكَسِّرُ فِي مُتُونِهِمُ العَوَالِي … وتَمْضِي السَّمْهَرِيَّةَ فِي انْئِطَارِ
وأَفْلَتَ مِنْ أَسَنَّتِنَا حَكِيْمٌ … جَرِيضًا مِثْلَ إفْلاتِ الحِمَارِ