هذه السلطة العقيلية عدة قرون من الزمن أضفت على التسمية وصبغتها بصبغة أشمل فأصبح أهل القطر أكثر التصاقًا بهذه السلطة يطلقون على كل من جاءهم من هذه الناحية لقب عقيلي ثم ورثت هذه السلطة سلطة أخرى وإن لم تكن عقيلية مائة بالمائة إلا أنه انسحب عليها من حيث التسمية العامة ما انسحب على سابقتها، وعندما استخدمت شريحة من هذه الفئة في قوة الأتراك العسكرية وما صاحب ذلك من الأحداث التي اشتركوا فيها سواء فيما يتعلق بالنزاعات والصراعات الداخلية بين الولاة العثمانيين أنفسهم أو فيما دار بين تلك الفئة والقبائل العربية المتصارعة داخل العراق أو في الأحداث التي جرت بين العثمانيين والفُرس كما سنرى ذلك في مكانه لاحقًا، وما كان لهذه الفئة من مواقف مميزة، وما أبلاه أفرادها من بلاء حسن، كان لهذه المواقف دوي هائل في الأوساط التي عايشت هذه الأحداث مما جعلهم يطلقون هذه التسمية بصوت قوي مدوٍّ على هذه الفئة التي واكبت تلك الأحداث مما جعل تسمية هذه الشريحة تغطي على الشرائح الأخرى التي تقوم بعمليات التجارة والنقل العام بين الجزيرة العربية والأقطار العربية المجاورة لها، بل تعدت مهمتهم هذا الحيز المحدود إلى ربط التجارة العالمية بين الشرق والغرب عبر مواني الخليج العربي ومواني شرق البحر الأبيض المتوسط، وهم الذين يقومون بعملية النقل عبر اليابسة وذلك قبل حفر قناة السويس استمر هذا الازدهار بأيدي العقيلات ردحًا من الزمن، كما لعبوا دورًا مهمًا عند إنتقال الغرب إلى الشرق في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين - الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين سواء فيما يتعلق بنقل التجارة العالمية أو نقل الرواد الأوائل من مكتشفين ومستشرقين وتجار، كما واكب تواجدهم على الساحة فترة اندماج الأطماع الاستعمارية الغربية نحو الشرق من برتغاليين وإنجليز وهولنديين وفرنسين فلعب العقيلات دورًا مهمًا في هذا الجانب سلبًا كان أو إيجابًا، وسنرى ذلك في مكانه لاحقًا. وبدأ دورهم يتناقص في عد تنازلي بعد حفر قناة السويس وإنحسار التجارة العالمية عبر الممر القاري الذي كانوا يشغلونه واقتصر نشاطهم على التجارة الداخلية من الجزيرة العربية وإليها وبعض الخدمات التي بقيت لهم في الأقطار العربية التي لا تزال تحت سلطة الأتراك حتى إذا قامت الحرب العالمية الأولى انتهى دورهم من هذا الجانب كما جاءت عملية اقتسام الأقطار العربية التي كانوا يمارسون نشاطهم بها بين كل من بريطانيا وفرنسا