للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدينة، بل الواقع أن ثمة قرى كانت قائمة ضمن القرى المنتشرة على ضفاف وادي أبها، منها القرية المعروفة بقرية مناظر، التي تقوم على تل صخري عرف بـ "مناظر"، وما يزال يحمل اسمه حتى الآن، كان يسكنها عشيرة عرفوا بآل مدحان لم يبق منهم سوى نفرين أو ثلاثة، منهم "إسماعيل بن معنى". يقابلها في الشمال الغربي القرية المعروفة بـ "مقابل"، وما تزال تحمل اسمها حتى الآن، كان يسكنها عشيرة عرفوا بحمالة، لم يبق منهم سوى نفرين أو ثلاثة، منهم ابن يعن اللَّه. والمعروف أن آل حمالة من قحطان سكان العرين من مآتي تثليث، وأغلبهم الآن بنجد، على حين لا يبعد أن سوقا أسبوعيا كان يقام قبل سنة ١٢٤٢ هـ على الساحة الواقعة بفناء مناظر غربا، كان يعرف في الزمن الغابر بسوق "ابن مدحان" نسبة إلى أحد ساكني القرية؛ جد عشيرة آل مدحان المذكورة آنفا، وأطلق عليه أخيرًا اسم سوق الثلاثاء. قلت: أما الآن فقد أصبح بحكم تطوير المدينة من أكبر أسواق الجنوب على الإطلاق، والبيع والشراء يتعاطى فيه بصورة دائمة دون انقطاع.

وعندما وصل الأمير محمد بن عامر المعروف بـ "أبو نقطة" إلى الحكم في عسير إبان ظهور الدعوة السلفية التي نادى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه اللَّه، وكان محمد بن عامر أبو نقطة هذا أول من استجاب لندائها في عسير (١) سنة ١٢١٥ هـ وحمل راية الجهاد في سبيلها، وبايعه العسيريون بالإمارة اتخذ من مقره "طبب" عاصمة لإمارته؛ فكانت "طبب" أول مدينة عرفت بعسير، وعندما ثار الأمير سعيد بن مسلط المغيدي على حكم الشريف محمد بن عبد المعين بن عون في عسير سنة ١٢٣٧ هـ اتخذ من قريته المعروفة بـ "امسقا" (٢) عاصمة لإمارته فكان ذلك نقطة تحول في انتقال عاصمة عسير من مقرها بمدينة "طبب" إلى


(١) الحفظي، عبد الرحمن، تاريخ عسير (مخطوط بمكتبة المؤلف).
(٢) هي بلدة السقا، واستبدال أداة التعريف "ال" بـ "ام" لغة حميرية فصحى جاءت في حديث كعب بن عاصم الأشعري -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ليس من امير امصيام في امسفر"، جوابًا على سؤال من قال: هل من امير امصيام في امسفر؟ فأجابه -صلى اللَّه عليه وسلم- بلغة قومه (انظر: مسند الإمام أحمد، ج ٣، رقم الحديث ٢٢٦٩، وقد ورد الحديث أيضًا في سنن النسائي وابن ماجه). وما تزال هذه اللغة دارجة بين سكان المناطق الواقعة غرب مدينة أبها وغيرها حتى عصرنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>