أما رحلته إلى مكة المكرمة كانت في سنة سبعين وتسعمائة للهجرة وفيها التقى بالشيخ الفاضل عبد القادر بن أحمد بن علي الفاكهي، وقد أسمع هذا الشيخ السيد محمد بن عبد الرحيم بيتين من لفظه وذكر أنهما لجده.
بادر إلى طلب العلم العزيز وإن … ضاقت ولم تصف أقوات وأوقات
ولا تؤخر لصفو ورجا سعة … فهم يقولون للتأخير آفات (١)
ثم عاد إلى مسقط رأسه حضرموت.
وفي محرم سنة ثلاث وثمانين بعد التسعمائة للهجرة طلب السلطان عبد اللَّه بن بدر الكثيري السيد الصالح العلامة محمد بن عبد الرحيم باجابر العقيلي من بلدة بروم إلى الشحر ليوليه تدريس مدرسة أبيه السلطان بدر بها وألزمه بذلك ففعل، وانتفع بتدريسه الأنام واستنارت بذلك وجوه الليالي والأيام.
وما أحسن ما قاله السيد الشريف الفاضل وجيه الدين عبد الرحمن بن أحمد البيض باعلوي -رحمه اللَّه- في ذلك:
شمس الهدى طلعت وغاب رقيبها … ونجوم نحس الجهل آن مغيبها
بظهور مولانا ومالك عصرنا … نجل الخلافة فحلها ونجيبها
مولى ملوك الأرض غير مدافع … ومدفع لبعيدها وقريبها
عبد اللَّه السلطان منصور اللواء … مردي العداة بكفه تعذيبها
لما أتى للشحر يصلح أمرها … وجميع داعية الفساد يذيبها
ودعى إمام العصر فرد زمانه … شيخ العلوم فقيهها واديبها
أعني الفقيه محمد بن مزاحم … من زاحم العلماء وحاز نصيبها
العالم الحبر المبرز في العلا … سباق غايات الكرام خطيبها
جاد الزمان به علينا فاغتدت … أيامه ملعومة من طيبها
غفرت ذنوبك يا زمان جميعها … إذ قد برزت إلى القلوب حبيبها
(١) أدوار التاريخ الحضرمي: جـ ١، ص ٢٩٨، النور السافر: ص ٣٥٣، ٣٥٤، تاريخ الشحر: ص ٢٠٥.