للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل امرئ بغيته فشحذت سيفي وركبت سناني على رمحي واستفرهت فرسي لم أدر أي العدو أشد ضررا على الإسلام فعلمت أن كتاب اللَّه يجمع كل شيء فقرأته فإذا فيه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣)} (التوبة).

فما أدري من يلينا منهم فأعدت النظر فوجدته يقول: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ. . . (٢٢)} (المجادلة).

فعلمت أن علي أن أبدأ بما قرب مني فتدبرت فإذا أنت أضر على الإسلام والمسلمين من كل عدو لهم؛ لأن الكفار خرجوا منه وخالفوه فحذرهم الناس وقاتلوهم، وأنت دخلت فيه ظاهرًا فأمسك الناس، وطفقت تنقض عراه عروة عروة، فأنت أشد أعداء الإسلام ضررا عليه (١). فأنت ختلت المسلمين بالإسلام وأسرر الكفر، فقتلت بالظنة، وعاقبت بالنقمة، وأخذت المال من غير حله فانفقته في غير حله، وشربت الخمر الحرمة صراحا، وأنفقت مال اللَّه على الملهين، وأعطيته المغنين، ومنعته من حقوق المسلمين، فغششت بالإسلام وأحطت بأقطاره إحاطة أهله، وحكمت فيه للمشرك وخالفت اللَّه ورسوله في ذلك خلافة المضاد المعاند، فإن يسعدني الدهر ويعني اللَّه عليك بأنصار الحق أبذل نفسي في جهادك بذلا يرضيه مني، وإن يمهلك ويؤخرك ليجزيك بما تستحقه في منقلبك أو تخرمني الأيام قبل ذلك فعسى من سعي ما يعلمه اللَّه عز وجل من نيتي والسلام (٢).

تدل هذه الرسالة من عبد اللَّه الرضا أو الشيخ الصالح على الآتي:

أولًا: فصاحة سيدنا عبد اللَّه الرضا وقوة صحته.

ثانيًا: تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في وجه الحكام الظلمة حتى لو كانوا من بني هاشم.


(١) نهج البلاغة.
(٢) مقاتل الطالبيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>