للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نرى من هذا أن الأنصار عاشوا في مصر طوال القرون الثلاثة الأولى. وكانوا ما بين أمراء وفقهاء. ولا شك في أنهم تمتعوا بمركز ممتاز. وكانوا محل الرعاية من أولي الأمر، وقد أوصى بهم عمر وصيته المشهورة: "وأوصى الخليفة من بعدي بالأنصار الذين تبوأوا الدار والإيمان أن يحسن إلى محسنهم وأن يعفو عن مسيئهم" (١). ولكن ذلك لَمْ يعصمهم في كلّ حال من المصير الذي انتهى إليه العرب في مصر بعامة، فقد منع الحارث بن مسكين قاضي مصر (٢٣٧ - ٢٤٥ هـ) أن يدفع إليهم - هم وقريش - من طعمة رمضان شيئًا (٢).

٣ - خُزاعة (٣):

انتقلت من الجنوب في هجرة الأزد الكبرى قبيل القرن الخامس الميلادي إلى الشمال حيث أقامت بالقرب من مكة، ثم دارت معارك بينها وبين جرهم انتهت بزوال سيطرة جرهم من مكة وانتقال سدانة الكعبة وحكم مكة إلى خُزَاعَة. وظل الأمر كذلك حتى اختلف قُصي - سيد قريش ورئيسهم - مع خُزَاعَة بسبب سدانة الكعبة اختلافًا سألت فيه الدماء وانتهى بانتقال السدانة وحكم مكة لقُصى والسماح لخزاعة بالإقامة مع قريش في أرباض البقعة المقدسة، ومن الجائز أن قريشًا عادت فزحزحتها خارج تلك الأرباض في وقت ظهور الإسلام (٤).

ولما كان فتح مصر والمغرب قد قام به محاربون جندوا من غربي شبه الجزيرة فقد اشتركت خُزَاعَة في فتح مصر (٥). وزعم بعضهم أن كان لها داران بالفسطاط (٦). ولكنها كانت من أهل الراية على كلّ حال (٧).

ووقفت خُزَاعَة في مصر ضد عثمان فقد كان منها عمرو بن الحمق الذي دخلها في خلافة عثمان ثم خرج منها ليعين على قتله (٨)، وابن ورقاء الذي


(١) الطبري ج ٣ ص ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٢) القضاة ص ٤٦٩.
(٣) ذهب رأي من بعض العلماء أن خُزَاعَة من عمرو بن لحي من مُضَر العدنانية.
(٤) نهاية الأرب ص ٣٢٣ و ٩٨٤ p. .ll . Isl . Ency .
(٥) Ency. Isl. II، p. ٩٨٤ - ٩٨٥
(٦) فتوح مصر ص ١١٥.
(٧) الانتصار ج ٤ ص ٣.
(٨) حسن المحاضرة ج ١ ص ٩٣ - ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>