للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما ذكرها عبد الرَّحمن بن الحكم وهو يصف هول المعارك بين أخيه وبين ابن جحدم سنة ٦٥ هـ:

وجاشت لنا الأرض من نحوهم … بحيي تجيب ومن غافق (١)

وقد اتصلت تجيب بالحياة في مصر اتصالا قويا منذ البداية. فهي قد اشتركت بقسط كبير في الفتح. ولما كانت فتنة عثمان سنة ٣٥ هـ لعبت تجيب دورا رئيسيا. فكان منها كِنَانة بن بشر الأيدعي أحد كبار زعماء الفتنة. وكان في زقاق زويلة بالفسطاط المسجد الذي يقال أن تجيب تعاقدت فيه على قتل عثمان (٢). ووقف بنو سعد موقفا سلبيا من اعتداء ابن أبي حذيفة جملى ضيفهم سعد بن أبي وقاص. وكان أحدهم (قيس بن سلامة، من بني فهم بن أندى) من أعوان محمد بن أبي بكر (٣٧ - ٣٨ هـ). وفي سنة ٦٥ هـ اشتركت تجيب بحييها كليهما: سعد وعدي، على ما ذكر عبد الرَّحمن بن الحكم في قصيدته، مع ابن جحدم ضد مروان بن الحكم. أما الشراة الذين تآمروا على اغتيال أمير مصر قرة بن شريك بالإسكندرية سنة ٩١ هـ فكان زعيمهم المهاجر بن أبي المثني وأحدهم، ابن أبي أرطاة، كلاهما من تجيب. ولما قتل الوالي الوليد بن رفاعة وهيبا الشاري سنة ١١٧ هـ ثار القراء عليه وحاربوه يتزعمهم واحد من تجيب هو شريح بن صفوان. وكان من ضحايا هذه الثورة أبو زرعة المحدث مولى تجيب. وفي ١٢٩ - ١٣٠ هـ بايع ناس منها للثائر الأباضي عبد الله بن يحيى طالب الحق، وكان نصيبهم القتل (٣).

ومما لا يتفق مع اتجاهها العام انضمامها إلى السرى بن الحكم سنة ٢٠٢ هـ ضد الثائرين على المأمون وولي عهده العلوي، ولكنها سرعان ما تخلت عنه (٤).

وإلى جانب هذا الاتجاه الثوري نجد اتجاها مدنيا مثله سلمة بن مخزمة الزميلي الذي وقف ضد ابن أبي حذيفة ومقسم بن بجرة الفتيري الذي كان من


(١) الولاة ص ٤٤.
(٢) الانتصار ج ٤ ص ١٧.
(٣) الولاة ص ٩٢ والخطط ج ٤ ص ١٥٢، النجوم ج ١ ص ٣٩ - ٣١١.
(٤) الولاة ص ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>