للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أطلق اسمهم عليها. وبذلك أصبحوا في موقع ممتاز يشبه في ارتفاعه مسكنهم القديم باليمن، كما أصبحوا يشرفون على قبائل مصر - وفيها قريش - التي كانت تسكن تحت أقدامهم حول الجامع. ولكنهم لَمْ يكونوا وحدهم في مسكنهم هذا في كلّ حال، فقد كان معهم قبائل من حِمْيَر (١).

كانوا يتحركون سنويا إلى مرتبعهم في أتريب، وسخا (كورة عاصمتها هي مدينة سخا الحالية بكفر الشيخ) (٢)، ومنوف (٣). ولكن يبدو أن جانبا منهم أقام بالإسكندرية (٤)، يؤيد هذا كثرة من سنقابل منهم بها بعد لحظات.

وليس تعدد مرتبعات المعافر هو الدليل الوحيد على كبر عددها، فقد ذكر القضاعي أنَّها كانت في حرب ابن جحدم ضد مروان ٦٤ - ٦٥ هـ "أكثر قبائل أهل مصر عددًا، كانوا عشرين ألفًا" (٥). ومع ما في هذا الرقم من مبالغة واضحة فإنه يصور ضخامة هذه القبيلة في مصر.

ولا تكاد المعافر تظهر في عصر الفتح حيث لا نصادف منها سوى عبيد بن عمرو الصحابي الذي شهد الفتح، ويقال أنه أول من أقرأ - أو قرأ - القرآن بمصر (٦). وعامر - رجل نكرة - كان أول من دفن بالقرافة (٧).

ويبدأ ظهور المعافر الفعلي في الحياة العامة في حركة ابن جحدم التي اشتركوا فيها اشتراكا يدلُّ على أهمية الرقم الذي ذكرناه منذ لحظة، إلى جانب الصورة القوية التي سجلها عبد الرَّحمن بن الحكم في قوله:

وسدت معافر أفق البلاد … بمرعد جيش لها مبرق (٨)


(١) فتوح مصر ص ١٢٦ - ١٢٧.
(٢) Amé p. ٤١٠ & Toussoun، p. ٣٢
(٣) فتوح مصر ص ١٤٢.
(٤) المصدر نفسه ص ١٢٧.
(٥) الخطط ج ٤ ص ٣٤٠.
(٦) الخطط ج ٤ ص ١٤٣ حسن المحاضرة ج ١ ص ٩٢.
(٧) الخطط ج ٤ ص ٣١٨.
(٨) الولاة ص ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>