أولاك بنو ماء السماء توارثوا … دمشقًا بملك كابرًا بعد كابر
قال: لما حازت خزاعة أمر مكة وصاروا أهلها جاءهم بنو إسماعيل وقد كانوا اعتزلوا حرب جرهم وخزاعة فلم يدخلوا في ذلك، فسألوهم السكنى معهم وحولهم، فأذنو لهم. فلما رأى ذلك مضاض بن عمرو بن الحارث وقد كان أصابه من الصبابة إلى مكة ما أحزنه، أرسل إلى خزاعة يستأذنها في الدخول عليهم والنزول بمكة في جوارهم، فلم يؤذن له. قال فانطلق مضاض بن عمرو الجرهمي نحو اليمن إلى أهله وهم يتذاكرون ما حال بينهم وبين مكة وما فارقوا من أمتها وملكها، فحزنوا على ذلك حزنا شديدا وجعلوا يقولون الأشعار في مكة، واحتازت خزاعة بحجابة الكعبة وولاية أمر مكة وفيهم بنو إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام لا ينازعهم عليها أحد من العرب.
قال: تزوج لحي (١) وهو ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، فهيرة بنت عامر بن عمرو بن الحارث بن مضاض بن عمرو الجرهمي فولدت له عمرو وهو عمرو بن لحي والذي بلغ بمكة وفي العرب من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده في الجاهلية وهو الذي قسم العرب في حطمة حطموها عشرة آلاف ناقة وقد كان أعور عشرين فحلا، وكان الرجل في الجاهلية إذا ملك ألف ناقة فقأ عين فحل إبله، فكان قد فقأ عين عشرين فحلا، وكان أول من أطعم الحاج بمكة سدايف الإبل ولحمها على الثريد وعم في تلك السنة جميع حجاج العرب بثلاثة أثواب من برود اليمن، وكان قد ذهب شرفه في العرب كل مذهب وكان قوله فيهم دينا متبعا لا يُخالف وهو الذي بحر البحيرة، ووصل الوصيلة، وحمى الحام، وسيب السايبة، ونصب الأصنام حول الكعبة، وجاء بهبل من هيت من أرض الجزيرة بالعراق فنصبه في بطن الكعبة فكانت قريش والعرب تستقسم عنه بالأزلام، وهو أول من غير الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام، وكان أمره بمكة في العرب مطاعا لا يُعصى. قال: فكان عمرو بن لحي يلي البيت وولده من بعده خمسمائة سنة حتى كان آخرهم حليل بن حبشية بن سلول