للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذات النخار فكانت الأوس والخزرج. ثم قالت: من كان منكم يريد الخمر والخمير، والملك والتأمير ويلبس الديباج والحرير، فليلحق ببصرى وعوير وهم من أرض الشام، فكانت جفنة من غسان. ثم قالت: من كان منكم يريد الثياب الرقاب والخيل العتاق وكنوز الأرزاق والدم المهراق، فليلحق بأرض العراق، فكان الذي سكنوها جذيمة الأبرش ومن كان بالحيرة من غسان وآل محرق حتى جاءهم روادهم فافترقوا من مكة فرقتين: فرقة توجهت إلى عُمان وهم أزد عُمان، وسار ثعلبة بن عمرو بن عامر نحو الشام، ونزلت الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر وهم الأنصار في المدينة، ومضت غسان فنزلوا الشام، وانخزعت خزاعة بمكة فأقام بها ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر وهو لُحي فولي أمر مكة وحجابة الكعبة. قال حسان بن ثابت الأنصاري يذكر انخزاع خزاعة بمكة ومسير الأوس والخزرج إلى المدينة وغسان إلى الشام:

فلما هبطنا بطن مر تخزعت … خُزاعة منا في حلول كراكر

حموا كل واد من تهامة واحتموا … بصم القنا والمرهفات البواتر

فكان لها المرباع في كل غارة … تشن بنجد والفجاج العوابر

خزاعتنا أهل اجتهاد وهجرة … وأنصارنا جند النبي المهاجر

وسرنا فلما أن هبطنا بيثرب … بلا وهن منا ولا بتشاجر

وجدنا بها رزقا عدا ما بقيت … وآثار عاد بالحلال الظواهر

فحلت بها الأنصار ثم تبوأت … بيثربها دارا على خير طائر

بنو الخزرج الأخيار والأوس إنهم … حموها بفتيان الصباح البواكر

نفوا من طغى في الدهر عنها وذببوا … يهودًا بأطراف الرماح الخواطر

وسارت لنا سيارة ذات قوة … بكوم المطايا والخيول الجماهر

يؤمون نحو الشام حتى تمكنوا … ملوكا بأرض الشام فوق المنابر

يصيبون فصل القول في كل خطبة … إذا وصلوا إيمانهم بالمحاضر

<<  <  ج: ص:  >  >>