للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلال السنوات الأولى من مسيرة توحيد البلاد اقتناعًا بأن البدو الرحل ليسو من السهل صرفهم عن أمور درجوا عليها منذ مئات السنين، كالقيام بالغزوات ومهاجمة قوافل التجارة، وأن من الصعب السيطرة عليهم أمنيًا، ولذا جاءت فكرته الرائدة الذكية لإطلاق ما عُرف تاريخيا بحركة الإخوان. فقد انبعث تلك الانطلاقة ببعث الدعاة إلى القبائل لإرشاد زعمائها وأبنائها إلى دين الله وحثهم على التخلي عن كل ما لا يتفق مع أحكامه، وأتت تلك الجهود ثمارها بأن استجاب كثير من القبائل مثل: حرب، ومطير، وعتيبة لهذه الدعوة، وأطلق عليهم أسم الإخوان، وهي تعني إن ما يربط المنتسبين إلى هذه الحركة ليس رباط القبيلة بل رباط الأُخوة الدينية المقتبسة من قول الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة)، ومن فرطة تحمسهم لحياتهم الجديدة أصبحوا يعارضون من لم ينضم إليهم عن قبائلهم، ناهيك عن القبائل الأخرى.

لقد مكنت الصراعات التي وقعت في الفترة ما بين فتح الرياض في عام ١٣١٩ وعام ١٣٣٩ هـ، في وسط وشرق وشمال شبه الجزيرة العربية الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه، من أن يتبوأ مكانة مرموقة في الجزيرة العربية، وكان من فوائد حركة الإخوان في مسيرة توحيد البلاد القضاء علي اعتداءات بعض القبائل على بعضها البعض وتكوين وحدات قتالية تجمع بين التجربة القتالية والحماس الديني مما جعلها تستبسل في سبيل الهدف الذي اقتنعت به، ولعل جهود الإخوان بين عام ١٣٣٦ - ١٣٤٤ هـ لأكبر دليل على ذلك. وبدأ اضمحلال الولاء القَبَلي لزعماء القبائل لحساب الزعامة الدينية ممثلة بالحكومة المركزية.

ولم يكن غريبًا أن يتخذ الملك عبد العزيز -وقتئذ- موقفًا حازمًا تجاه إمارة جبل شمَّر، في ضوء وضعه العسكري الذي أصبح قويًا جدًا وقد برهن على ذلك ما حدث في تَربَة عام ١٣٣٧ هـ ثم نجاحه في منطقة عسير عام ١٣٣٨ هـ، لذلك رأى ضرورة إنهاء إمارة آل الرشيد في جبل شمَّر وعاصمتهم (حائل)، للحيلولة دون قيام تحالف بينهم وبين الأشراف الذين يحيطون به في الحجاز والأردن والعراق وقتئذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>