وهكذا توافرت الأسباب لبدء العمليات العسكرية ضد تلك الإمارة وبالتالي ضمها إلى ما تم توحيده سابقًا، وقد فضل الملك عبد العزيز أن يحاصر مدينة حائل تجنبًا لسفك الدماء، وظل الحصار مضروبًا على تلك البلدة حتى استسلمت في ٢٩/ ٢/ ١٣٤٠ هـ الموافق ٣١/ ١٠/ ١٩٢١ م، وبهذا توحد إقليم جبل شمَّر مع ما سبق توحيده من أقاليم البلاد ومناطقها، وقد أسفر سقوط حائل عن نتاتج من أهمها أن الملك عبد العزيز لم يبرهن على القدرة القتالية لقواته فحسب لكنه حقق سيادة استراتيجية علي وسط وشمال شبه الجزيرة العربية بأسرها علي ضوء موقع حائل المهم، وكانت الجوف مصدرًا لحاجة قواته من التمر، وهي إحدى المناطق التي سيطر عليها بسرعة، وفي أواخر عام ١٩٢١ م أصبحت المنطقة تشكل بالنسبة للملك عبد العزيز مساحة عازلة تفصل بين بلاده وشرق الأردن، ومن ثم أصبحت الأوضاع في الجوف تمثل أهمية بالغة بالنسبة له. فقد أظهر الملك عبد العزيز أنه علي دراية تامة بالسياسات القَبَلية في كل ساحات المعارك. فكان يبذل جهدًا خارقًا لتجنيد القبائل أو هزيمتها إذا ما فشل في تجنيدها مثل ما حدث في حائل، وأبها، والجوف، وكان لصورة الملك عبد العزيز الساحرة والمؤثرة عظيم الأثر في ضم القبائل إلى الدولة السعودية الآخذة في التوسع. كما برهن على أنه مرن بالقدر الذي مكنه من الاستجابة لطبيعة القبائل المتغيرة الولاء. وهكذا استطاع أن يبرز في صورة الزعيم المفكر الذي يستطيع التحكم في مشاعره وأن يتصرف بأسلوب واقعي. وانتشرت أخبار انتصاراته وأهدافه السامية في المنطقة الشمالية الغربية من الحجاز ما جعل الأفئدة تتطلع إليه، ورغم بعد ديار قبيلة بني عطية عن عاصمة الملك إلا أن أبناء هذه القبيلة ازدادوا به ولعًا وتولدت لديهم رغبة عارمة في الانضمام إلى هذا الكيان العظيم، إلا أن كون منطقتهم خاضعة لنفوذ شريف مكة إداريًا وجغرافيًا فقد حال ذلك دون التوجه إلى الملك عبد العزيز مبكرًا وجعل الشيخ كريم في حيرة من أمره، فالمجازفة خطيرة والثمن فادح خصوصًا وأن هناك من يتربص به سوءًا في القبيلة وانكشاف أمره في هذه المرحلة المبكرة يعني هلاكه، لأن عيون الشريف منتشرة في منطقتهم. ورغم استعداده للتضحية الشخصية في سبيل الانضمام إلى الملك عبد العزيز ولثقته بأنه سيكون المنقذ لجزيرة العرب من