للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المزدلف بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان الحر صاحب العمامة الفَرِدة؟ قالوا لا. قال: أفمنكم أخوال الملوك من كنْدة؟ قالوا: لا. قال: أفمنكم أصهار الملوك من لَخْم؟ قالوا: لا. فقال لهم أبو بكر: فلستم بذهل الأكبر بل ذهل الأصغر. حينئذ قام إليه دغفل الشيباني منتفضًا وكان لا يزال غلامًا - وسبحان الوهاب أن يناظر غلام حدث أبو بكر الصديق!! ولكنه ليس كأي غلام ونسبه في حي ليس كأي حي - إنه دغفل (١) الذي ستسمع به الدنيا وإنه لمن شيبان جبابرة بني عدنان. وقيل أن دغفل قد بقل وجهه، أي انتفخ وتغير لونه من شدة الغيظ من أبي بكر عندما أحرج أقاربه، فقال محتدًّا وفي نيته وقصده أن يثأر في الحال من أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو لا يعرفه، فقال دغفل لأبي بكر: إن على سائلنا أن نسأله والعبء لا تعرفه أو تحمله، يا هذا؟ إنك قد سألتنا ولم نكتمك شيئًا من خبرنا، فمن الرجل؟ فلما عرف دغفل أنه أبو بكر القُرَشي قال مكررًا سؤاله فمن أي القُرَشيين أنت؟ قال أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مجيبًا من ولد تيِّم بن مُرَّة. قال دغفل له: أمكنت واللّه من سواء الثغرة! (يعني أنه سوف يصيبه وينول مراده) ثم قال لأبي بكر سائلًا أفمنكم قُصي بن كلاب الذي جمع القبائل من قريش وكان يُدعى مُجمَّعا؟ قال: لا. قال: أفمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مُسْنتون عِجاف؟ قال: لا. قال: أفمنكم شيبة الحمد (يقصد عبد المطلب بن هاشم) مُطْعِمَ طير السماء الذي كأن وجهه قمر يضيء في الليلة الظلماء؟ قال: لا. قال: فمن أهل الحجابة أو السقاية أو الرفادة أنت؟ قال أبو بكر: لا. واجتذب أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - زمام ناقته من وجه دغفل مندهشًا من براعته وفصاحته فقال دغفل محتدًّا بنخوة شيبانية فائقة فيها نبرة المنتصر الذي أخذ بحقه في التو قال:

صادف در السيل درًّا يدفعه … يهيضه حينًا وحينًا يصدعه


(١) ذكر أبو عبيدة أن ما يقارب دغفل الشيباني من بكر بن وائل (ربيعة) فى علم النسب والنجوم، كان ابن الكيس النمري وهو من بني عوف بن سعد بن تغلب بن وائل (ربيعة)، أي كلاهما من وائل ربيعة العدنانية.
وذلك فقد قال مسكين بن عامر الشاعر:
فحكم دغفلًا وأرحل إليه … ولا تدع المطي من الكلال
أو ابن الكيس النمري زيدًا … ولو أمسى بمنخرق الشمال

<<  <  ج: ص:  >  >>