وعلى كل حال فالبيانات التي وردت في هذا الفصل تؤيد ما قلناه في ختام الفصل السابق من نمو القبائل والأرومات العربية وانتشارها في مختلف أرجاء مصر وتطور حياتها، وغمرها ريف مصر ومدنها وبواديها وطبعها إياها بطابع العروبة الصريحة الشامل الخالد.
وكما هو واضح من كثرة القبائل والعشائر والعائلات التي توطنت في الديار المصرية سواء كانت قادمة من الجزيرة العربية أو بلاد المغرب أو بلاد الشام يتبين لنا أن مصر هي أمُّ العرب جميعا، تفتح صدرها الحنون وترحب في واديها الخصب (النيل الخالد) بكل أبناء الأمة العربية المجيدة من المشرق والمغرب، وقد كان عدد سكان مصر عام ١٨٠٠ م نحو ٢٠٠٠٤٦٠" مليونين وربعمائة وستين ألفا"، وها نحن في عام ٢٠٠١ م وقد زاد تعداد القطر العربي المصري خلال قرنين فأصبح يزيد عن خمسة وستين مليون نسمة!
من أين إذن هذا التزايد السريع والرهيب في سكان وادي النيل بأرض الكنانة مصر؟
وهل يا ترى هو من نتاج سكان مصر الأصليين قبل الفتح العربي؟
كلا .. إنها نتاج هجرات قبائل العرب وجاليات العرب منذ الفتح العربي لمصر عام ٦٤٠ م وحتى أوائل القرن العشرين للميلاد لم تتوقف تلك الهجرات لبعض الجاليات العربية للقطر المصري.
ويكفي أن نقول إن الجالية السودانية وحدها في مصر خلال آخر القرن العشرين بلغت نحو مليوني نسمة خلاف الآلاف الذين حصلوا على الجنسية المصرية في القرنين الأخيرين منذ تولي محمد علي باشا حكم القطرين مصر والسودان (وادي النيل).
وهناك جاليات عربية من بدو وحضر نزحت وحصلت على الجنسية المصرية خلال القرنين الأخيرين .. وستظل مصر عربية أبيَّة وقلعة حصينة للأمة العربية وقلب العروبة النابض، ويكفي مصر فخرا أن ذكرها رب العزة - سبحانه وتعالى - في كتابه العزيز مرات ومرات، فهذا وسام تتحلى به مصر المحروسة بعناية