وقد قال القلقشندي بعد هذا إن الإمرة اليوم في عمر بن عريف، وهو رجل دين وكان أبوه عريف ذا دين متين، رأيته بالإسكندرية بعد الثمانين والسبعمائة واجتمعت به، فوجدت آثار الخير ظاهرة عليه.
وينتهي فصل القلقشندي عن أمراء العرب عند هذا الحد، وواضح مما احتواه منهم في صدد ما كان للأرومات العربية من بروز ومكانة في مجال الحكم السلطاني بسبب ما كان لهم من عصبيات قومهم وبيئتهم وباعتراف الملوك وتثبيتهم رسميا، ويضاف إلى هذا ما ذكر من أمراء العرب الآخرين في ثنايا النبذة السابقة من هذا الفصل فتقوى بذلك الصورة، ومن المؤسف أن يظل في الموضوع ثغرات كثيرة سواء في عدم ذكر سلسلة الذين كانوا يتولون الإمرة من الأبناء بعد الآباء أم في عدم ذكر شيء هام من سيرة الأمراء ومدى سلطانهم.
ومع أن السياق قد يفيد أن إمرة الأمواء وبيوتات الإمارة كانت في النطاق القَبَلي فإن فيه ما يفيد في الوقت نفسه أن ذلك النطاق كان يتسع حتى يشمل المنطقة وما فيها من قبائل وقرى أيضا، وكذلك فإن فيه ما يفيد أن القبائل وخاصة بيوتات الإمارة لم تكن بدوية رحالة بل كانت ريفية مستقرة في القرى والكفور، ومنهم من كان مستقرا في المدن.
وبلفت النظر خاصة إلى مدى حركة الشريف حصن الدولة الجعفري الهاشمي الطموحة في آخر الدولة الأيوبية، واجتماع العرب عليه أنفة من سلطة مماليك التُّرك، ثم إلى ما كان من مكانة ونشاط سبرة بن مالك حتى لكأنه ملك وصاحب دولة داخل دولة.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فالمتبادر أن ما أرده القلقشندي هو ما اطلع عليه أو سمع به خلال القرون الثلاثة السابع والثامن وبداية التاسع للهجرة، ولا يعقل أن لا يكون شيء من هذا قبل هذه القرون، كما لا يعقل أن الذي ذكره هو كل ما كان في القرون الثلاثة.