للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اضطرت كثيرًا منهم إلى الاختفاء أو الهجرة إلى بلاد السودان حتى قل عدد البدو الضاربين في أرض الصعيد وأطرافها.

فلما نزحت هوارة إلى الصعيد، وسكنوا الجانب الغربي منه لَمْ يجدوا مشقة كبيرة في السيطرة على البقاع التي استوطنوها، وعظم أمرهم، واشتد بأسهم، ولا سيما بعد هذه المرحلة التي نتحدث عنها، فانتشروا في معظم الوجه القبلي فيما بين أعمال قوص إلى غربي الأعمال البهنساوية (١).

وتشعبت لهم هناك فروع لا سبيل إلى حصرها، وصارت إمرة عربان الصعيد كلهم لأحد رؤساء هوارة وهو عمر بن عبد العزيز الهواري المتوفى سنة ٧٩٩ هـ/ ١٣٩٦ م.

يقول أبو المحاسن في النجوم الزاهرة: وعمر هذا هو والد بني عمر أمراء العربان ببلاد الصعيد في زماننا هذا، ولعلَّهُ يكون أول من ولي منهم الإمرة (٢).

وحدث لهوارة ما حدث لسائر القبائل المهاجرة، فاستقرت طوائف منهم واشتغلوا في زراعة النواحي بقصب السكر بنوع خاص، والعمل في دواليبه لاعتصاره. وكان محمد بن عمر بن عبد العزيز الهواري قد عني بهذه الزراعة وادخر من ورائها ثروة واسعة (٣).

وبقيت جماعات أخرى تعيش حياة تشبه حياة البدو من هوارة، وتحدثنا المصادر أنهم زحفوا جنوبًا إلى أسوان، وتحالفوا في بادئ الأمر مع بني الكنز (ربيعة) الذين دأبوا على مهاجمة مدينة أسوان منذ أن أبعدهم جيش صلاح الدين الأيوبي عنها (في عهد الدولة الأَيُّوبية)، ثم نجد هوارة في سنة ٨١٥ هـ / ١٤١٢ م تناصب بني الكنز هؤلاء العداء وتهاجم أسوان وتخربها (٤).


(١) نهاية الأرب للقلقشندي.
(٢) النجوم الزاهرة ١٢/ ١٥٦.
(٣) راجع شهرة الصعيد بزراعة قصب السكر واستخراج منتجاته (رفاعة رافع الطهطاوي ٢٨٩ - ٣١٢ - ٢٩٠).
(٤) الخطط للمقريزي ١/ ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>