للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهم لغتهم ألبتة ولم تمح أصولها العربية وإن تشابهت وتطابقت - أحيانًا - ملامح أبنائها إلى حد كبير من ملامح النوبين ذوي البشرة السمراء. كذلك فإنه لَمْ يزعم أحد أن سكان بلدة وادي العرب من أصول نوبية!.

ونود أن نضيف إلى ذلك كله أن العبابدة لَمْ يتكلموا ألبتة لغة البيجاه بل تحدثوا دوما اللغة العربية بلهجة خاصة بهم كسائر القبائل العربية. لكن ذلك كله لَمْ يحل دون معرفة العبابدة بضع كلمات أو عبارات من لغة البيجاه بحكم الجوار واختلاط المعاملات وهذا شيء طبيعي لدى كافة القبائل والشعوب المتجاورة.

ويبدو أن الكُتّاب الأوربيين ومن نحا نحوهم وأخذوا عنهم - دون روية - هم الذين راحوا يشككون في النسب العربي لهذه القبائل كما حدث في السودان حين شكك"ماكمايكل" في النسب العربي لبعض القبائل العربية في السودان ولا سيما في غربه بالنسبة لقبائل البقَّارة ذات الالوان الأبنوسية (١).

وإذا كانت هذه القبائل لَمْ تحتفظ بوثائق تثبت صحة أصولها العربية في هذا الشأن إلَّا أنَّها احتفظت في ذاكرتها بأصول أنسابها وتناقلته بدقة وحرصت عليه حرصها على دينها. والأهم من هذا وذاك أن السكان الآخرين المحيطين بهذه القبائل يقرون بنسبهم العربي. وهذا التشكيك والارتياب أساسا من صنع الكُتَّاب الأوربيين الذين وصلوا إلى حد الخلط بين النوبيين في جنوب مصر وشمال السودان وبين النوباويين في غربي السودان على تلال كردفان لمجرد التشابه الشكلي في الاسم! (٢).

ومع ذلك كله نلتمس قليلًا من العذر لهؤلاء الكُتَّاب ومن سار على دربهم دون تمحيص في أن دراساتهم قد شابها شيء من التعميم الشديد دون الأخذ في الاعتبار بعض الفروق الجوهرية فانخدعوا بالمظاهر الشكلية اللونية، ناهيك عن غياب


(١) Mac Michael، O.S.O.: A History of the Arabs in the Sudan،
Cambridge، .١٩٢٢، p. ١٩٧
(٢) انظر: السعيد إبراهيم البدوي: النوباويون. دراسة تاريخية أنثروبولوجية. مجلة الجمعية الجغرافية. العدد رقم ٦ العام ١٩٧٣، ص ١١٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>