وبالإضافة إلى ذلك كثر تنقل الأفراد والحكام بين البلدين بعد ضم السودان .. كل ذلك اقتضى إعادة النظر في الاهتمام بالطرق الموصلة بين مصر والسودان ولا سيما البرية منها بعكس الطريق النيلي الذي لم يلاق اهتماما موازيا.
وربما يرجع ذلك إلى كثرة العوائق الطبيعية به مثل الجنادل وغيرها.
وقد سلكت التجارة بين مصر والسودان بوجه عام طرقا عدة أهمها طريق النوبة السفلى والعليا، والطريق الغربي أو ما عرف باسم درب الأربعين الذي يبدأ من كوبي بدارفور حتى أسيوط، وطريق سواكن - السويس.
وقد لا تعنينا كل هذه الطرق السابقة بشكل أساسي ونحن نتكلم عن قبيلة العبابدة، وإنما يعنينا منها الطريق الأول وهو طريق النوبة السفلي والعليا حيث لعب العبابدة خلاله دورا كبيرا في التجارة بين البلدين. فكان هذا الطريق بحكم موقع النوبة أقرب إلى صعيد مصر وبمثابة حلقة وصل بين البلدين، كما كانت أسواق إسنا ودراو وأسوان أماكن لتصريف سلع ومنتجات النوبة السفلى كالتمر والشب والسنامكي في مقابل الذرة والمنسوجات القطنية. أما طريق النوبة العليا أو الجنوبية فكانت بربر وشندي أهم مراكزها التجارية وكانت تتصل بمراكز التجارة في صعيد مصر عن طريق القوافل الشرقي الذي يخترق الصحراء الشرقية ثم ينقسم إلى فرعين متوازيين: الأول: يخترق صحراء العتمور (طريق أبو حمد - كرسكو) والثاني إلى الشرق قليلا ويخترق صحراء العتباي "طريق بربر - دراو". فعلى سبيل المثال يمكن لقافلة شندي المتجهة إلى مصر أن تمر ببربر ثم عليها أن تختار السير إما في محازاة النيل حتى (أبو حمد) ومنها تخترق صحراء العتمور إلى كرسكو ثم إلى دراو أو أن تسير بعد أن تغادر بربر إلى الشرق قليلا مخترقة صحراء العتباي شمالا حتى تصل إلى بلدة دراو بأسوان.
وكان التجار في الغالب يفضلون السير في طريق العتباي تاركين طريق العتمور رغم أن الأخير فصير؛ وذلك لأن القوافل كانت تعاني فيه شح المياه وقلة العشب الضروري للإبل، ناهيك عن تعرض القوافل في طريق العتمور لأعمال السلب ودفع المكوس.