للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقطع القافلة طريق العتباي من دراو إلى بربر في مدة من ستة عشر إلى سبعة عشر يوما، ومن بربر إلى دراو في مدة اثني عشر يوما؛ وذلك لأن القافلة عقب مغادرتها لبربر تكون مزودة بعدد وافر من الإبل فيمكنها بذلك إراحة الإبل المحملة بالتناوب، بالإضافة إلى جدية رجالها في السير ليلا بحيث إنهم كانوا لا ينامون إلا قليلا، وأخيرا فإن نفقات القافلة المتجهة إلى مصر تقل لتوافر الإبل. ويقال أن راكب الهجين السريع من رجال البريد في إمكانه أن يقطع المسافة ما بين بربر ودراو في ثمانية أيام (١).

وتعتبر بربر - مركز العبابدة الرئيسي في ذلك الوقت - بحكم موقعها الجغرافي ملتقى للقوافل الآتية من داخل السوادن وخارجه. فهي تستقبل بحكم موقعها شمال شندي وسنار القوافل الآتية من مصر عبر صحراء العتباي قبل أن تصل إلى هذه البقاع، وتمر بها قوافل شندي وسنار في طريقها إلى مصر. وبالإضافة إلى ذلك فهي تقع على أقصر طزيق يصل النيل النوبي بساحل البحر الأحمر (طريق بربر - سواكن) عبر الصحراء الشرقية الذي ازدادت أهميته وكثر استخدامه عقب فتح الطريق البحري بين سواكن والسويس (٢).

وهكذا هيأ هذا الموقع شهرة تجارية شهد بها بعض الرُّحَّال الذين زاروها في النصف الأول من القرن التاسع عشر. فقد كثر تردد قوافل بربر على دنقلة بانتظام حاملة التمر والتبغ، كما كانت قوافل سنار تحمل إليها الرقيق والأسِرَّة الخشبية وجلود الثيران بالإضافة إلى البن الذي يجلبه تجار سنار من الحبشة والذي كان يباع ببربر بسعر أقل من بن مخا اليمني. وقد وجدت جماعة من تجار سنار ودنقلة كان لها نشاطها التجاري الملحوظ في بربر. كذلك فقد كان لبربر صلات تجارية نشطة مع أقاليم التاكة، فقد تردد تجار هذا الإقليم على أسواق بربر لبيع الإبل والماشية والحصول على الأقمشة القطنية (الدمور) والتوابل (٣).


(١) Douin: Histoire du Soudna Egyptien - TOme l .P . ٦١.
(٢) حمدنا الله مصطفى: التطور الاقتصادي والاجتماعي في السودان. ١٨٤١ - ١٨٨١ - ص ١٧٥.
(٣) دفتر رقم ٣٨٤٦ صادر تحريرات مديرية بربر ودنقلة بتاريخ ٥ ذي الحجة سنة ١٢٦٧ هـ. دار الوثائق القومية.

<<  <  ج: ص:  >  >>