وبعد حرب مستميتة بين الطرفين تمكن الطليان المستعمرون من احتلال الكُفرة فاضطر أفراد القبيلة بعد ذلك أن يهاجروا متفرفين بين السودان وبين مصر؛ لأن الإيطاليين قد عاثوا في البلدة فسادًا وأباحوا لأنفسهم ما لا يرضاه ضمير الإنسان حيث كان القائد الإيطالي حينذاك قد خوَّل لجنوده الأشرار أن يعيثوا بالواحة فسادًا حتى أن أفراد القبيلة قد تكبدوا أثناء الهجرة عددًا لا يقل عن ثلاثمائة ألف من الذين استشهدوا في الطريق ما بين السودان والكُفرة ومصر، وكان معظمهم من النساء والأطفال وقد تمنوا الموت حتى لا يروا الإيطاليين يعبثون في بلادهم. وبعد أن تجمع شملهم بمصر والسودان فقد آوتهم هناك السلطات المصرية والشعب المصري وبدأوا يعملون في الحقول وغيرها حتى دقت ساعة الخلاص والانتقام من الإيطاليين التي ينتظرونها بفارغ الصبر.
وعندما أعلن الملك السنوسي في عام ١٩٤٠ م تشكيل الجيش السنوسي تحت قيادته الحكيمة، لبوا جميعًا نداءه المقدس والتفوا حوله وساهموا مساهمة فعالة بالاشتراك في تخليص بلادهم من جراثيم الاستعمار، وكان التوفيق حليفهم والفضل في ذلك يعود إلى حكمة قائدهم المخضرم.
وهذه القبيلة العريقة وصفها الشاعر المجيد والعالم الفاضل صهر العائلة السنوسية يوسف مقرب حدوث - رحمه الله -، من أشرف البيوت في قبيلة البراعصة المشهورة ذلك بمناسبة مجيء السيد المهدي السنوسي إلى الكُفرة وسكناه فيها فقال رحمه الله تعالى:
زويَّة أهل الفخر إن جئت حيِّهم … ترى العز في نادي زويَّة بادي
وأهل فتى أمضى من السيف عزمه … وإن كان للضيفان بالبشر بادي
إذا ما دعوا يومًا إلى شن غارة … رأيت المنايا الحمر تعلو كالمدادي
فكم من حريم قد أباحوا وأجحفوا … بمال غنى لا يخافون عادي