أما حمد ولد منصور الشاعري فأولاد قليلون يسكنون مدينة درنة من مدة حكومة القرملي، وكان فيهم رجل له شهرة عظيمة واسمه حمد ولد علي وملقب بجمل أطرون وتقدم على كافة قبائل المرابطين في الجبل الأخضر، وكان له مرتب من الدولة القرملية مائة ناقة في العام، والناقة بخمسين ريال، وكان هذا الرجل تضرب الموسيقى يوم الجمعة أمام بيته الذي يسكن فيه بمدينة درنة.
وأما لموش ولد محمد منصور الشاعري فقد خلف أربعة كما تقدم والأكبر فيهم أبو مهابة وعيسى وموسى ومطرف وخلفوا بعد ذلك ولدين المقشطي وأمريج، وهم اليوم عائلات كثيرة وشيخهم الحاج محمد أبو علي، وأما عسى فقد خلف عائلات هي عبد القادر والموالف والشيخ المقدم عليهم اليوم الشيخ موسى أبو شغيلة وأخوه موسى المُلقَّب بأمه (قضيناهم) وهم ثلاث عائلات كبيرة: يونس وإسماعيل وعلي، أما عائلة القضاينة بعد عمودية حمد ولد علي فهي على كافة قبائل المرابطين الذين هم بالجبل الأخضر، وظهر منهم رجل من عائلة يونس القضايني اسمه أبو الحسن وهو رجل عظيم الشأن بين القبائل وله شهرة بين كافة الناس بالكرم والشجاعة وأخذ العُمودية من حمد ولد علي المذكور في عهد الدولة العثماثية، وخلفه في العمودية ابن بنته سليمان ولد يوسف القضايني، وهو رجل عظيم الشأن وله شخصية بارزة عند كافة قبائل الحرابي واشتهر بالشجاعة والكرم والأعمال الطيبة، وعندما احتل الإيطاليون ليبيا ونشبت الحرب بين العرب وبينهم وقدم أنور باشا إلى الدور المشهور بالضهر الأحمر، فلما عاين أنور باشا صداقة سليمان المذكور وشجاعته طلبوا منه وعينوه في المجلس الحربي مع بعض أشخاص بارزة من قبيلة الحرابي مثل الحاج يونس أبو عيشة من فرع غيث والشيخ المبروك أبو مازق أبو حدوث من قبيلة البراعصة وغيرهم من مشاهير القبائل.
ولما حدثت المعركة المشهورة مع الإيطاليين في يوم الجمعة في المكان المتقدم بحضور السيد حمد السنوسي المجاهد الكبير ورافقه فيه سلمان القضايني - رحمه الله -، وكذلك الحاج يونس أبو عيشة الغيثي والشيخ المبروكَ أبو مازق البرعصي، وقد ماتوا شهداء في ذلك اليوم وكتبت عنهم الجرائد، وبالجملة فسليمان القضايني في ذلك التاريخ أرسل ابنه محمد إلى المدارس التركية بواسطة أنور باشا، وقد طلبوا منه أن يرجع إلى وطنه ليقوم مقام والده الشهيد وقدم له المساعدة أنور باشا في الحال.