للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخيرًا رد وقال: جَرْمي أنا جَرْمي يا أمير سليمان، وأسألك بحق رب الأنام وبحق النبي العدنان، وبحق جدك هانئ بن مسعود ومعه همَّام فرسان شيبان، وبحق المُسنَّا والمُعنَّا وهانئ بن قبيصة الشغموم وعمرو بن كلثوم (١) وبسطام الضرغام (٢)، وبحق رب الوجود والنبي صادق الوعد والعهود، وبحق بني مسعود وشيبان الأحرار محاربين عَبَدة النار في ذي قار ومعهم ربيعة الجمار اللِّي ضربوا رءوس الفُرس بالسيف البتَّار، أريد أن أطانبك يا مسعود يا نسل أهل الجود قصدي أقيم معك العهد والعهود. وبعد هذا الكلام المنظوم من الشيخ عَقِيل الجَرْمي قال الأمير سليمان بن عمرو المسعودي مجيبًا إياه: قبلت طنبك يا ابن جَرْم بشرط أن لا تُطنِّب عليك ولا تجير معك أحدًا من غير علمي، قال الجَرْمي: قبلت الشرط يا أمير المساعيد. وعقد المساعيد وجَرْم حلفًا قويا وعهدًا وميثاقا، وصاروا يغزون القبائل الأخرى ويأخذون عُشر المال وشاة المرعى وهي حق الرتاعة على كثير من القبائل الأخرى في فلسطين، وهذا الشيء أثار عليهم القبائل العربية من غيرهم في تلك النواحي، وقد دعا القبائل إلى التآمر لضرب التحالف ما بين المساعيد وجَرْم بأي ثمن، فقام بعض شياطين هؤلاء القوم بتدبير حيلة لبث الفتنة بين المساعيد وبني جَرْم، فأرسل هؤلاء المتآمرون المعادون أو الكارهون لوحدة القبيلتين عجوزًا وكانت داهية من دواهي نساء العرب، فصحبت ابنتها الشابة وكانت على قدر كبير من الجمال وفي نيتها تنفيذ الضغينة وإشعال نار الفتنة حسبما توجهت بالمال من شيوخ العشائر المعادية، فنزلت بعد الغروب على عَقِيل الجَرْمي وأطنبت عليه فقبل طنبها وكسر الشرط المعقود بينه وبين الأمير المسعودي وأخذه الغرور ووقع في المحظور، وكما هو العرف السائد بين قبائل العرب أن الطنيب لا يُطنِّب غيره ولذلك كتم


(١) عمرو بن كلثوم أشجع فرسان زمانه وهو وائلي من تَغْلِب من أبناء عمومة شيبان من بكر بن وائل، وهو قاتل عمرو بن هند في دار ملكه لما أهينت أمه في بيته وهو القائل في بني وائل من ربيعة عدنان:
إذا بلغ الفِطام لنا وليدًا … تَخِرُّ له الجبابر ساجدينا
لنا الدنيا ومن أضحى عليها … ونبطش حين نبطش قادرينا
إذا ما المُلك سام الناس خسفًا … أبَينا أن نقر الذل فينا
ونشرب إن وردنا الماء صفوا … ويشرب غيرنا كدرًا وطينا
(٢) بسطام بن قيس هو فارس شهر من فرسان شيبان من بكر بن وائل، ومعنى ضرغام، أي الأسد القوي الجسور.

<<  <  ج: ص:  >  >>