وما روضة من روض حقل تمتعت … عرارًا وطبَّاقًا ونخلًا توائما (١)
و"حقل" اسم مشترك يُطلق على أماكن في بلاد العرب، فهو من هذه الناحية مثل (الحِجْر).
ونلاحظ أن العباس بن مرداس جمع في أبياته التالية بين وادي حقل بديار سُلَيْم، ووادي حقل باليمن، وقال العباس هذه الأبيات في رثاء أخيه الذي قتلته خولان في نواحي صعدة بأرض اليمن:
فمن مُبلِّغ عوف بن عمرٍو، رسالة … ويَعْلى بن سعد من ثَؤورٍ يراسله
أقام بدور الغور في شرِّ منزل … وخَليَّ بياض "الحقل" تُزهى خمائله
فعلى ما أفادنا به ياقوت: إن (الحقل) الأول في الأبيات المتقدمة هو (حقل صعدة) باليمن، الذي قُتل فيه أخو العباس بن مِرْداس السُّلَمي وقد تهدد أهله قاتلي أخيه بغارة شعواء لا تبقي ولا تذر .. فهل نفذ وعيده؟ والحقل الثاني في الأبيات هو:(حقل بني سُلَيْم) ذو الخمائل النضرة، الذي غادره أخوه القتيل وذهب لسوء حظه إلى حقل اليمن حيث لاقى حتفه.
وفي حقل اليمن يقول الشاعر ابن الدمينة الخثعمي:
وأشتاق للبرق اليماني إذا غدا … وأزداد شوقًا أن تهب جَنُوبُ
وبالحقل من صنعاء كان مطافها … كذوبًا، وأهوال المقام كذوبُ
ويقول الأستاذ محمد عبد الحميد مرداد:"حقل" يُطلق على قرية بها نخيل ومياه وبساتين، وهو بقرب أيلة خليج العقبة، تحت نفوذ المملكة العربية السعودية، بينه وبين أيلة مسافة قليلة، وكانت حقل ساحلًا لتيماء قديمًا، كما أثبته الكلبي.
(١) يقول الدكتور أوغشت هفير شارح كتاب (النبات والشجر) للأصمعي، عند ذكره (الطباق) ضمن نبات جبال السراة، يقول: لم نجد للطباق ذكرًا في كتب اللغة، وها هو ذا العباس بن مرداس يذكره في شعره ضمن أعشاب وادي حقل، وقد ذكر. "القاموس المحيط" فقال: (وطباق) كزنار: شجر منابته جبال مكة ناقع للسموم شربًا، وضمادًا من الجرب والحكة والحميات العتيقة والمغص واليرقان وسدد الكبد، شديد الإسخان (مادة طبق) .. فهل لهذا الشجر علاقة ما بالتنباك الذي اعتاد بعض الناس شربه عن طريق احتراقه؟ نأمل من كلية العلوم بجامعة الرياض وغيرها أن تبحث هذا الموضوع في معاملها العلمية وتنشر نتيجة تحرياتها في ذلك.