رابعًا - (منطقة شمال المدينة المنورة) منها برْمةُ، قال معجم البلدان أنها من بلاد بني سُلَيْم وحددها ابن حبيب بأنها (عرض من أعراض المدينة قرب بلاكث بين خيبر ووادي القرى).
هذا، ومما تحسن الإشارة إليه - تاريخيا واجتماعيا - أن الأمن والاطمئنان كانا مفقودين في ديار بني سُلَيْم قبل العهد السعودي الحاضر، فقد كان الاغتيال والقتال معتادين فيها لأسباب موجبة وغير موجبة، كما أن مرض حمى البرداء - الملاريا - منتشر فيها بكثرة، لكثرة المستنقعات المتكونة من كثرة مياه المنطقة وعدم تصريفها أو تعقيمها صحيا، كما أن الطرق إلى بلادهم وبداخلها كانت في منتهى الوعورة لأنها بين حِرار وجبال، وكانت الأمية سائدة في ربوعهم فلا مدارس ولا متعلمين ولا معلمين. وقد عُنيت الحكومة السعودية بإصلاح أحوالهم، فأزالت عوامل الفتن والشغب فيما بينهم وبين بعضهم، وفيما بينهم وبين جيرانهم، وعُنيت بالأسباب الصحية فأنشأت لهم مستوصفات صحية، وعبَّدت الطريق الرئيسي إلى بلادهم بالمداحل "الدركترات" حتى قرية الكامل، وفتحت لهم المدارس ليتعلم فيها أبناؤهم وكبار السن منهم، وأوجدت لديهم مقر شرطة لاستتباب الأمن، وكونت لهم إمارة خاصة بهم وفي منطقتهم، فساد الهدوء وانصرف الناس إلى ما يصلح شؤونهم ومعاشهم، وأنشأت لديهم هيئة الأمر بالمعروف تهديهم وترشدهم إلى ما فيه خير دينهم ودنياهم.
وقد أعطانا شاعر بني سُلَيْم المعاصر:(محمد الجبرتي) صورة شعرية ناطقة لعدوان البعوض الناشئ والمتنامي من البرك والمستنقعات التي تُخلفها الأمطار والسيول والعيون - عليه، وذلك في قوله من الشعر العامي الملحون المعروف بـ "الحمينيّ" والنبطي: