للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنو مالك من سُلَيْم وهم زهاء أربعة آلاف، وهم أهل الحرَّتين والبقيع (١)، فحاربوهم دهرًا فأجلوهم عن الحرَّتين والبقيع، وقتلوا منهم عددًا كثيرًا، وصارت بنو الحارث وبنو مالك "السُّلَميون" لا يدخل منهما، الحرَّتين والبقيع داخل إلا بذمام من بني حرب، وقد يُبقي عليهم محمود (رئيس من رؤساء حرب) لأن أمه جُشَمِيَّةٌ من هوازن بن منصور إخوة سُلَيْم بن منصور.

هذا، وقد أفادنا الهمداني بملابسات تَغَلُّب حَرب بعدئذ على طريق المدينة إلى مكة، فقال: (فلما غلبت بنو حرب على تلك البلاد، وقَهَرَتْ، تعلقت قريش بأصهارهم وأسند إليهم كلٌّ، وألْقى أزمة أمره في أيديهم، وغلبوا على طريق المدينة إلى مكة فلم يسرها أحد منهم إلا بخفارتهم، وكان المقتدر العباسي يبعث إليهم طول حياته بالمال في خفارة الطريق، وإلى اليوم وهم على ذلك) (٢) ويذكر لنا الإصطخري صاحب كتاب المسالك والممالك: أن طائفة من اليمن يعرفون ببني حرب استولت - في عصره - على ضياع أولاد جعفر بن أبي طالب الهاشميين بودان القريبة من الجُحْفَة (٣).

وقد أطنب رحَّالة الحج المصري محمد بن عبد القادر الأنصاري الجزيري من أهل القرن الهجري العاشر في ذكر أحوال أدراك (مدارك الأعراب) في طريق الحاج وقال عن عَنَزة: (إن حدودهم من طرف الحنك من الجهة القبلية إلى المدينة الشريفة إلى آبار علي - ذي الحليفة - إلى جبل مفرح - المفرِّحات - وذكر أحوال مدارك غيرهم وأفادنا بأن (بدرًا) كانت مدينة بها عيون ومزارع، وبأن (الجار) فرضة المدينة فيرد الحاج ماءها (٤).


(١) كتاب الإكليل، للهمداني، تحقيق محمد بن علي الأكوع الحوالي ص ٣٠٤ وه ٣٠ وقد عرف المحقق البقيع بأنه (المسمى بقيع الغرقد، وهو مقبرة أهل المدينة، معروف مشهور إلخ). والذي يبدو لي من مقتضى الحال أن المقصد بالبقيع هنا غير بقيع الغرقد بطبيعة الحال، وربما كان البقيع المراد هنا هو الذي قال عنه معجم البلدان لياقوت الحموي: (وقال الزبير: أعلى أودية العقيق، البقيع. وأنشد لأبي قطيفة بيتين من شعره)، ص ٧٠٣ و ٧٠٤، ط إيران الجزء الأول .. ومما يدل علي صحة هذا التأويل أيضًا قول الهمداني (ص ٣٠٥، الجزء الأول) "فناصبتهم بنو الحارث وبنو مالك بن سُلَيْم وهم زهاء أربعة آلاف، وهم أهل الحرَّتين والبقيع"، وبديهي أنه لا يقصد أن المذكورين أهل الحرَّتين وبقيع الغرقد، فتعين أن يكون المراد بالبقيع غير بقيع الغرقد.
(٢) الإكليل، الجزء الأول، ص ٣٠٥ و ٣٠٦.
(٣) ص ٢٥، طبعة مصر.
(٤) درر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة، ص ٤٥١، وص ٥٢٨، ط المطبعة السلفية بمصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>