فصيحة لم تتغير عن أصولها الفصحى، كما نرى في بعضها تحريفًا عن تلك الأصول، هذه الملاحظة هي التي جعلتنا نقرر أن "المعنى" فقط هو المنقول، ونُقل وجُدِّد بلهجة القوم حينما انحرفت عن خط الفصاحة العربية السليقية التي كانت سمةً وطابعًا ملازمًا ملازمة الظل لأسلافهم في سنة ١٩٥ هـ وفي سنة ٣١٥ هـ.
وهنا سنُفصِّل ما أجْملنَاهُ آنفًا عن حقيقة هذه الوثيقة حسب ما ترآى لنا فنقول: إننا إذا رجعنا إلى متن الوثيقة السُّلَمية، لنناقش ما إذا كانت ذات أصل قديم يرجع إلى سنة ١٩٥ هـ أم لا؟ فإننا سنجد ما قد يبرر لنا التسليم بوجود هذا الأصل العربي السليم في أساسها، وذلك يتمثل - أولا - في ذكر تاريخ كتابتها الأول في تجديدها الرابع، وتاريخ كتابتها الأول كان بسنة ١٩٥ هـ وفي ذكر تجديدها الثاني والثالث فلو لم يكن قد سبق لها أصل وتجديدات ثلاثة قبل التجديد الرابع الأخير، لما ذُكر هذا التجديد معطوفًا على التجديدات الثلاث التي سبقته في قرونٍ بعضها متقارب وبعضها متباعد. وثانيًا - إن ارتضاء قبيلة سُلَيْم لما في هذه الوثيقة يدلنا على أنها ذو أرومة قديمة. وثالثًا - ذكر في الوثيقة بعض أسماء الأماكن القديمة لبعض ديار بني سُلَيْم كما هي، ويلوح لي أن هذا التحريف العامي الملحون الموغل في لهجة البادية العامية، والذي يشمل عبارات الوثيقة تقريبًا حدث في التجديد الثالث لها أي بسنة ١٢٥٥ هـ، لأن القوم يومئذ كانوا في تأخر فكري وعلمي مطبق، إذ لم تكن لهم أية عناية بالتعليم في عهد الدولة العثمانية، بل ربما كانت الدولة لا تعرف إلا القليل من أحوال ديارهم ومجتمعهم القَبَلي. وكان الأشراف حكام الحجاز كذلك لم يوجهوا إليهم العناية المرومة، ونلمح في بعض أبيات لبعض شعرائهم في مطلع هذا القرن الهجري أنَّهةَ شكوى من عدم فتح أبواب المراجعة لهم في شئونهم ومطالبهم من قبل الشريف عون باشا، ونحن نجد ذلك في قصيدة لـ مطلق بن عُضَيْبٍ المطرودي النوالي (العلاري) السُّلَمي الذي عاش في القرن الثالث عشر الهجري وكانت قبل وفاته فبل نحو ثمانين عامًا أثناء حكم الشريف عون الرفيق (١٢٥٦ - ١٣٢٣ هـ)(١٨٤١ - ١٩٠٥ م)، قال مطلق يخاطب الشريف عون الرفيق: