للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولست أدري أسُلَيْم السودان، من قيس عَيْلان أم من الأزد؟، وجاء في كتاب "تاريخ السودان" لنعوم شقير: أن سُلَيْمًا من أشهر قبائل السودان على النيلين: الأبيض والأزرق، والجزيرة بينهما جنوبي قبيلة كِنَانة، وفي موضع آخر ذكر أن سُلَيْم السودان تنتسب إلى جُهَيْنة (١).

فإذا ثبت هذا فمعناه أنهم من غير قبيلة بني سُلَيْم بن منصور التي تنتسب إلى قيس عَيْلان؛ وذلك لأنَّ جُهَيْنة قبيلة من قُضاعة، وقُضاعة في أصح الأقوال غير عدنانية، وحتى لو كانت جُهَيْنة عدنانية فهي ليست بذات صلة نسبية بقبيلة بني سُلَيْم بن منصور.

على أنَّ ابن خلدون في كتابه (العبر) يخبرنا أن جُهَيْنة انتشرت ما بين صعيد مصر وبلاد الحبشة، وكاثروا هنالك سائر الأمم، وغلبوا على بلاد النُّوبة ومزقوا كلمتهم وأزالوا ملكهم، وحاربوا الحبشة فأرهقوهم إلى هذا العهد (٢)، فهذا نص صريح بوجود جُهَيْنة في بلاد السودان بكثرة.

ويقول عبد المجيد عابدين: أنهم دخلوا السودان في موجات متعددة، واتجه معظمهم من طريق وادي النيل إلى الشرق حيث بلاد البجة وساحل البحر الأحمر، واكتظت بهم المنطقة الواسعة التي تأخذ من حلفا الحالية إلى شمال غربي الحبشة، وكان لهم أثر قوي في الضغط على مملكة النوبة المسيحية الشمالية (مملكة المقرة) حتى أزالوها، ثم تدفقوا إلى الغرب ثم إلى الجنوب، فشغلوا بقاعًا متراميةً من السودان تمتد من الشرق إلى الغرب (٣).

وعلى هذا فربما يكون معظم بني سُلَيْم الذين استوطنوا السودان من جُهَيْنة التي اكتظ بها السودان، كما يقول المؤرخون: جاز أكثرهم إلى السودان من صعيد مصر، وجاز أقلهم في الفترات الأخيرة من الزمن بحرًا من ناحية ينبع إلى السودان رأسًا.

ويؤكد المقريزي أن عرب جُهَيْنة التي هي من قبائل اليمن (هي أكثر عرب


(١) تاريخ السودان، لنعوم شقير، ص ٦٢.
(٢) العبر، ص ٥١٦، المجلد الثاني.
(٣) تعليقات الدكتور عبد المجيد عابدين على نهاية الأرب، للقلقشندي، ص ١٤٩ و ١٥٠، طبع مطبعة أحمد مخيمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>