للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أتيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو نازل بعكاظ، فقلت: يا رسول الله من معك في هذا الأمر؟ قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "معي رجلان: أبو بكر وبلال". وفي رواية أنه قال: أتيتُ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله أنا عمرو بن عبسة السُّلَمي، أحب أن أسألك ما تعلم وأجهل، وينفعني ولا يضرك.

وفي رواية أنه قال: (أَتَيْتُ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت: يا رسول الله مَنْ أسلم؟ فقال الرسول: "حُرٌّ، وعبده يعني أبا بكر وبِلَالًا، فأنا رابع الإسلام أو رُبُع الإسلام).

وقد سأل أبُو أمامة، عمرو بن عبسة، فقال: يا عمرو بن عبسة (لصاحب العُقُل رجل من بني سُلَيْم): بأي شيء تدَّعي أنك رُبُع الإسلام؛ فقال: إني كنت في الجاهلية أرى النّاس على ضلالة ولا أرى الأوثان بشيء، ثم سمعتُ عن رجل يخبر أخبارا بمكة، ويحدث بأحاديث، فركبتُ راحلتي حتى قدمت مكة، فإذا أنا برسول الله مستخفيًا، وإذا بقومه عليه جزءان (١)، فتلطفتُ حتى دخلتُ عليه، فقلت: ما أنت؟ قال: أنا نبيٌّ. فقلت: وما نَبِيٌّ؟ قال: رسول الله. قلت: اللهُ أرسلك؟ قال: نعم. فقلت: فبأي شيء؟ قال: بأن يوحد الله ولا يشرك به شيء، وكسر الأوثان، وصِلَةِ الأرحام. فقلت له: من معك على هذا؟ قال: حُرٌّ وعَبْدٌ وإذا معه أبو بكر وبلال. فقلت له: إني متَّبعك. قال: إنك لا تستطيع ذلك يَوْمَكَ هذا، ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سَمِعْتَ بي قد ظهرتُ فالْحَقْ بي. قال عمرو بن عبسة: فرجعتُ إلى أهلي، وخرج النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مهاجرًا إلى المدينة وقد أسلمتُ، قال عمرو بن عبسة: فجعلت أتَخَبَّرُ الأخبار، حتى جاء ركبه - رَكَبَةٌ جمع راكب - من يثرب، فقلت: ما فعل هذا الرجل المكيُّ الذي أتاكم؟ فقالوا: أراد قَوْمُهُ قَتْلَهُ، فلم يستطيعوا ذاك، وحيل بينه وبينهم، وتركتُ النّاس إليه سِراعًا، فرَكَبْتُ راحلتي حتى قَدمْتُ عليه المدينة، فدخلت عليه، فقلت: يا رسول الله أتعرفني؟ قال: نعم ألَستُّ الذي أتيتني بمكة؟ فقلت: بلِّي، وقلت: يا رسول الله علمني مما علمك الله وأجهل. فعلمه رسول الله صلوات الصبح والظهر والعصر والمغرب، والوضوء للصلاة، وفَضْلَهُ.


(١) في الرواية الأخرى: (ووجدت قريشًا عليه أشداء). وستأتي عما قريب في هذا الفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>