للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمهاجمتهم، وحَمَل (يوسطنيان) سفيره الآنف الذكر، إلى (السميفع أشوع) رجاءً آخر. هو طلب موافقته على تعيين رئيس عربي اسمه (Kaisos) - (قيس) - عاملًا: (فيلارخًا) (Phyiarch) على قبيلة عربية تدعى: (معديني) - (Maddeni) أي قبيلة (مَعْد) ليشترك معه، ومع عدد كبير من أفراد هذه القبيلة بمهاجمة الساسانيين (الفُرس).

وقد رجع سفير (يوسطنيان) مغتبطًا بنجاح مهمته، معتمدًا على الوعود التي أخذها من العاهلين: "النجاشي" ملك الحبشة، و"السميفع أشوع" حاكم اليمن، غير أنهما لَمْ يفعلا شيئًا مما تعهدا به للسفير، فلم يَغْزُوا الفُرس، ولم يعين (السميفع أشوع) "قيسًا" - (فيلَارخا) - أي عاملًا على قبيلة مَعْد.

وقد وصف المؤرخ (بروكوبيوس) (Kaisos) (Caisus) (قيسًا) بأنه كان شجاعًا ذا شخصية قوية مؤثرة، حازمًا، من أسرة سادت قبيلة مَعْد، وقتل أحد ذوي قرابة (السميفع أشوع) (Esimiphaeus) (Esimaphaios) فتعادي معه - فعاداه - بذلك حتى اضطر إلى ترك دياره والهرب إلى مناطق صحراوية نائية، فأراد القيصر أن يشفع له لدى (Esimaphaios) ورجاه أن يوافق على إقامته رئيسًا (Phylarch) على قبيلة مَعْد.

وهناك رواية لابن إسحاق جاء فيها أنَّ أبرهة عَيَّنَ محمد بن خُزَاعي عاملًا له على مُضَر، وأنَّ (قيسًا) كان يرافق أخاه محمدًا حين كان في أرض كِنَانة، فلما قتل (محمد) فرَّا - فر - إلى أبرهة (١).

ولعلنا نستطيع من تحليل الحوادث السالف ذكرها أن نتوصل إلى تقرير هذه النظرية أو هذه النتيجة: وذلك أنه لما لَمْ يقبل (السميفع أشوع) حاكم اليمن وساطة القيصر (يوسطنيان) في تعيين قيس السُّلَمي فيلارخًا - عاملًا على قبيلة مَعْد - أي


(١) في المحبر - لمحمد بن حبيب الهاشمي البغدادي، ص ١٣٠، طبعة حيدر آباد دكن، اسم محمد بن خُزَاعي هذا، وقد وضعه في فصل: (المسمون بمحمد لما كان يبلغهم أنه يبعث في العرب نبي يقال له "محمد" فجعل الله النبوة لمحمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -). وقد أفادنا "المحبر" بسلسلة نسب محمد بن خُزاعي هذا، فهو (محمد بن خُزَاعي بن علقمة بن محارب بن مُرّة بن هلال بن فالح بن ذكوان السُّلَمي)، وقال عنه: (وكان في جيش أبرهة مع الفيل، وفي ابن إسحاق أن أبرهة عين محمد بن خُزَاعي عاملًا له على مصر)، "المفصل، ص ١٧٣، الجزء الرابع".

<<  <  ج: ص:  >  >>