للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم سوف نبكيهم بكل مهند … ونبكي عُمَيرًا بالرماح الخواطر

يعني عمير بن حُباب السُّلَمي الذي قتلته تَغْلِب، ثم قال (الجحَّاف): لقد ظننت يا ابن النصرانية أنك لَمْ تكن لتجترئ عليَّ ولو رأيتني مأسورًا! وأوعده .. فما زال الأخطل في موضعه حتى حُمَّ، فقال له عبد الملك: أنا جارك منه (١).

أما ياقوت في "معجم البلدان" فقد ساق القصة في مادة (بشر) بإسهاب، وزاد على كلا "الموشح" و"الهفوات النادرة" أشياء من أهمها ذِكُرُهُ أن (البشر) - بكسر أوله وسكون ثانيه - هو اسم جبل يمتد من عرض إلى الفرات من أرض الشام من جهة البادية، وفيه أربعة معادن: معدن القار، ومعدن المغرة، ومعدن الطين الذي يعمل منه البَواتِقُ التي يُسْبَكُ فيها الحديد، ومعدن الرمل الذي في حلب، يعمل منه الزجاج، وهو رمل ابيض كالإسفيداج، وهو - أي جبل البشر - من منازل بني تَغْلِب بن وائل، قوم الأخطل الشاعر بطل القصة الصليط إلى جانب بطلها الآخر الفتَّاك: الجحَّاف السُّلَمي.

ويفيدنا ياقوت بأن جبل الْبِشْرِ سُمِّيَ باسم شخص هذا اسمه، من النمر بن قاسط، كان خفيرًا لفارس، وقد قتله خالد بن الوليد في طريقه إلى الشام، وكان من حديث ذلك أن خالد بن الوليد لمَّا وقع - (أوقع) بالفُرس بأرض العراق، وكاتبه أبو بكر بالمسير إلى الشام نجدةً لأبي عبيدة، سار إلى عين التمر، فتجمعت قبائل من ربيعة - نصاري - لحرب خالد، ومنعه من النفوذ، وكان الرئيس عليهم عَقَّةَ بن أبي عَقَّةَ قيس بن البشر بن هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عوف بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط، فأوقع بهم خالد وأسر عَقَّةَ وقتله وصلبه،

فغضبت له ربيعة وتجمعت إلى الهذيل بن عمران، فنهاهم حُرْقُوص بن النعمان عن مكاشفته، فعصوه، فرجع إلى أهله وهو يقول:

ألا يا اسْقباني قبل جيش أبي بكر … لعل منايانا قريب ولا ندري

ألا يا اسقياني بالزجاج وكررا … علينا كُمَيْتَ اللَّوْنِ صافيةً تجري


(١) الهفوات النادرات - لغرس النعمة أبي الحسن محمد بن هلال الصابي، ص ٨٥، طبع دمشق، ١٣٨٧ هـ - ١٩٦٧ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>