للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا سائل الجحَّاف هل هو ثائر … بقتلى أصيبت من سُلَيْمٍ وعامر؟

وفيها يقول الأخطل مُهددًا متوعدًا بني سُلَيْم عامة في شخص الجحَّاف بن حكيم السُّلَمي:

أجَحَّافُ إنْ تصْطَكَّ يومًا فَتَصْطَدِمْ … عليك أوَاذِيُّ البحور الزواخر (١)

تَكُنْ مِثْل أقْذَاءِ الْحُبَابِ الذي جرى … به الماء أو جاري الرياح الصراصر (٢)

لقد حان كُلَّ الْحَينِ من رام شاعرًا … لدى السَّوْرَةٍ العلياءِ عن كُلِّ شاعر

ويحدثنا كتاب الأغاني للأصفهاني، فيقول ما ملخصه: (إن عبد الملك أمر الوليد بن عبد الملك فحمل الدماء التي كانت قبل ذلك بين قيس وتغلب، وضَمَّنَ الجحَّاف ما حُمِّلَ، فلحق بالحَجاج الثقفي في العراق يسأله ما حمل لأنه من هَوَازِن، وبعد لأي أعطاه عطاءً جزيلًا وأدَّوا البقية.

ثُم تَألَّهَ الجحَّاف بعد ذلك واستأذن في الحجِّ، فأذن له، فخرج في المشيخة الذين شهدوا معه، قد لبسوا الصوف وأحرموا، وَبَرَوا أنوفهم - أي خَرَمُوهَا وجعلوا فيها الْبُرى - ومشوا إلى مكة فلما قدموا المدينة - لأنَّها على طريقهم من الشام إلى مكة - وقدموا مكة، جعل النّاس يخرجون فينظرون إليهم ويعجبون منهم، وقد سُمع عبدُ الله بن عمر، الجحَّاف وقد تعلق بالكعبة وهو يقول: اللهم اغفر لي، وما أراك تفعل!، فقال له ابن عمر: يا هذا، لو كنت الجحَّاف ما زدت على هذا القول، فقال له: أنا الجحَّاف، فسكت ابن عمر، وسمعه محمد بن علي بن أبي طالب وهو يقول ذلك فقال له: يا عبد الله قنوطك من عفو الله أعظم من ذلك.

وكان مولد الجحَّاف بالبصرة، فهو من أبناء الجالية السُّلَمية التي اختارت البصرة موطنًا عقب إنشائها، وتوفي نحو سنة ٩٠ هـ - ٧٠٩ م (٣).


(١ - ٢) هذه رواية الأخطل. أما الأغاني ففيه، ص ١٠٦، المجلد الحادي عشر:
أجحَّاف إن نهبط عليك فتلتقي … عليك بحور طاميات الزواجر
تكن مثل أبداء الحباب الذي جرى … به البحر تزهاء رياح الصراصر
(٣) الأعلام - للأستاذ خير الدين الزركلي، ص ١٠٣، المجلد الأول، طبعة مصر الثانية، والأغاني، لأبي الفرج الأصفهاني، ص ١٠٥ - ١٠٦، المجلد الحادي عشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>