نسبًا: أي مع هَوَازِن في حربها الضروس للإسلام، ولكن الإسلام فَرَّق بين بني سُلَيْم، وهَوَازِن إذ ذاك بحق .. فبنو سُلَيْم دخلوا الإسلام، وهَوَازِن ما زالت على شركها القديم: ويقول: إننا مع ذلك نريد لهم الهداية والرشاد.
وللعباس بن مِرْدَاس غير هذه القصائد والأبيات شعر كثير في غزوة حُنَيْن، ضمنه كلّ ما يطفح به قلبه المؤمن من ذكريات رائعة لانتصار الإسلام وعظمة الإسلام.
على أنَّ من أروع ما قاله في يوم حُنَيْن، قصيدتَهُ (الكافيَّة) التي استهلها بمدح المصطفي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد ضمنها الإشادة بشجاعة الضحَّاك بن سفيان الكلابي قائد بني سُلَيْم البطل الذي عينه الرسول قائدًا عليهم.
قال:
يا خاتم النُّباء! إنك مرسل … بالحق كلُّ هُدي السبيل هُداكا
إن الإله بني عليك محبة … في خلقه و (محمدًا) سمَّاكا
ثم الدين وفوا ما عاهدتم … جُنْدٌ بعثت عليهم الضحَّاكا
رَجُلًا به درب السلاح كأنه … لما تكنفه العدو براكا
يغشي ذوي النسب القريب وإنما … يبغي رضا الرَّحمن ثمَّ رضاكا
أُنْبيِكَ أني قد رأيت مَكَرَّهُ .. تحت العجاجة يدمغ الاستراكا
طورًا يعانق باليدين وتارة … يفري الجماجم صارِمًا بتَّاكا
يخشي به هام الكُماة ولو تري … منه الذي عاينتُ كان شفاكا
و"بنو سُلَيْم" مُعْنِوق أمامه … ضَرْبًا وطعنًا في العدو دِراكا
يمشون تحت لوائه وكأنهم … أسْدُ العرين أرَدْنَ ثَمَّ عراكا
ما يرتجون من القريب قرابة … إلَّا لطاعة ربهم وهواكا
هذي مشاهدنا التي كانت لنا … معروفةٌ وَوَلِيُّنَا مولاكا (١)
(١) سيرة ابن هشام وغيرها.