للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمثل قرواش يذوق الردى … يا صاح ما أوقح وجه الحِمَامْ

وله مَرَاث أخرى مدوَّنة في ديوانه المطبوع، ومن أهمها رثاؤه لصديقه الحميم أبي العلاء المعرِّي الذي أملى لديوانه شرحًا قال في مقدمته عنه: "وكان مولاي الأمير الجليل أبو الفتح الحسن بن عبد الله بن أبي حصينة سألني أن أسمع شِعْرَهُ، فقرأ عليَّ ما أنشأه من أنواع القريض، فَوَجَدْتُ لفظه غير مريض، ومعانيه صَحاحًا مُختَرعَةً، وأغراضه بعيدة مبقدعة، وهو دىان كان متأخرًا في الزمان، فكأنه من فرط عهد النعمان، ومن سمع كلامه علم أنه لم يغير شهادة، ولا خرم في إبداع الكلام سيادة" (١).

وشهادة كهذه من إمام في الشِّعْر واللغة والعلوم كأبي العلاء المعرِّي، لا شك أنها ترفع إلى القمة مستوى الشاعر المشهود له فيها برفعة المكانة الشعرية.

يقول الأمير أبو الفتح السُّلَمي في رثاء صديقه أبي العلاء المعرِّي:

العلم بعد أبي العلاء مُضَيَّعُ … والأرض خالية الجوانب بلقعُ

أودى وقد ملأ البلاد غرائبًا … تسري كما تسري النجوم الطُّلَّعُ

ما كنتُ أعلم - وهو يودع في الثرى - … أن الثرى فيه الكواكب تودعُ

ثم يقول فيه أيضًا:

تنصرم الدنيا ويأتي بعده … أمَمٌ وأنت بمثله لا تسمع

ثم يقول فيه أيضًا:

قصدتك طُلَّاب العلوم ولا أرى … للعلم بابًا بعد بابك يُقْرعُ

هذا وللأمير أبي الفتح جولات في ميادين الحكمة.

قال:

أشدُّ من فاقة الزمان … مُقامُ حُرٍّ على هوانِ

فاسترزق الله واستعنه … فإنَّه خير مُستْعانِ

وإن نبا منزلٌ بِجرِّ … فمن مكان إلى مكانِ


(١) مقدمة ديوان أبي حصينة لأبي العلاء المعري، ص ٣، طبع دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>