للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حلف ولهم على توزر ونفطة وقسطيلة (١) أتاوة يؤديها لهم مِرْداس لما فيها بعض مواطن لهم، وبعد ذلك أو في القرن الثامن الهجري تملكَ مرْداس هؤلاء القفار وأخذوا بالأتاوة من عمران قسنطينة (بشمال شرق الجزائر حاليا)،

أما علَّاق (عَوف) فقد استقام أمر بني كعب منهم في الرياسة على سائر عَوف بن بُهْثَة واعتزوا على سائر بطون سُلَيْم بن منصور، وظلوا على هذا الحال في الطاعة والنفرة مع الدول التي قامت في تونس عدة قرون، وقد أقطعتهم الدولة الأمصار وألقاب الجباية ومختص المُلك، وما زالوا يغالبون الدولة على الضاحية وقاسموها في جبايات الأمصار بالإقطاع ريفًا وصحراءً وتلولًا وجريدًا، وهذا بعد انتصارهم على السلطان أبو الحسن عام ٧٤٩ هـ فقد خفضوا من أمر زناته واعتزوا على الدولة اعتزازًا لا كفاء له، ثم حدثت فتن بين بني كعب من عَلَّاق بسبب قتل قاسم بن مرا من الكعوب (من أولاد أبي الليل) من قِبَل محمد أبي عذبتين (من أولاد مهلهل)، وهذا لأن قاسم كان محتسبًا وقد دعا إلى إصلاح قومه من سُلَيْم بالقوة الجبرية، وقتل من عثر عليه من الأشرار وقُطَّاع الطرق واستباح بيوتهم وأموالهم ودماءهم حتى شردهم كل متشرد، وعلت كلمته في إفريقيا من بلاد تونس وطار ذكره، فحسده قومه من أشرار بني كعب وغيرهم من علَّاق فقتلوه بالاغتيال بعدما دعوه للمشاورة في بعض شئونهم معه على عادة البدو، وقد وقفوا معه بساحة حيِّهم ثم خلصوا معه نجيا وطعنه محمد أبي عذبتين (أولاد مُهَلْهَل) من الخلف فخر صريعًا، فامتعض أولاد أبو الليل وطلبوا بدمه فافترقت أحياء بني كعب من عَلَّاق (عَوف بن بُهثْةَ) بعد أن كانت جميعًا.

وقام بأمر الاحتساب والدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد قاسم بن مرا ابنه رافع، وكان على مثل طريقة أبيه فلقى حتفه هو الآخر من أشرار بني حِصن من علَّاق!! عام ٧٠٦ هـ (بداية القرن الثامن الهجري).

ظل رهط قاسم (أولاد أبو الليل) على الطلب بثأره من (أولاد مُهَلْهَل) فكَمنَ أولاد أبو الليل في مشاتيهم بالصحراء والقفر في جنوب تونس وقد أجمعوا الرأي على اغتيال أولاد مُهَلْهَل عن آخرهم، وقد أوقعوا بهم ولم ينج سوى طالب بن مُهَلْهَل - وكان لم يحضر مع رهطه - وعظصت الفتنة بين بني كعب من علَّاق وانقسمت عليهم بني سُلَيْم وقتئذ.


(١) توزر ونفطة وقسطيلة قرى تقع غرب شط الجريد بجنوب تونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>