للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسبب هو أن رجلًا من بني جَرْم أطنب على أمير المساعيد وكان يقطن آنذاك سهل كبد شرقي النهر بالبلقاء، وقد شكى إليه الرجل ظلم أمير بني جَرْم الذي استولى على أملاكه وأرضه، فجمع الأمير شيوخ وأمراء المساعيد واستشارهم في أمر هذا الطنيب الذي يجب عليهم حسب تقاليد البدو أن يسعوا لاسترداد حقه ورده إليه وهم أهل النخوة والشجاعة والمروءة، ومن العار إن ترد المساعيد جوار وطنب هذا الرجل المظلوم حتى لو دخلت في حرب مع جَرْم تفنى فيه فرسانهم جميعًا، فلما عرف كبار المساعيد رأى أميرهم الخطير أشاروا عليه بإرسال رسول إلى الأمير الجَرْمي لمطالبته برد حقوق الطنب عليهم، فلم يرد الجَرْمي على الرسول ولم يوقِّره فعادوا الكرَّة وأرسلوا رسولًا آخر، فبغى أمير بني جَرْم وزاد في الظلم والجبروت وقتل رسول المساعيد!، فأعلن أمير المساعيد على جَرْم الحرب فورًا واقتحم فرسان المساعيد بخيولهم سهل الكبد نحو الجفتلك وقطعوا النهر انطلاقًا إلى الفارعة في الغرب الشمالي حيث معقل بني جَرْم في تلك الديار من الجفتلك، وكان بنو جَرْم يقيمون غرب النهر في الفارعة وأريحا والعوجا، ويحكمون المنطقة من مشارف نابلس ومشارف القدس إلى البحر الميت وبعض قرى رام الله، وكانت علاقة بني جَرْم مع العمرو وثيقة للغاية حيث كانت تقيم في أوساطهم عشيرة المتاريك وهؤلاء كان منهم شيوخ العمرو في عهد الجزيري في القرن العاشر الهجري، وحدثت معارك بين المساعيد وبين بني جَرْم وحلفاؤهم المتاريك وامتدت هذه المعارك الضارية حتى فصايل إلى الجنوب الغربي من الفارعة، فانهزم فرسان بنو جَرْم وهرب أميرهم الطاغي إلى عقرباء فطارده الأمير المسعودي بفرسانه من المساعيد وقد طعنه بالرمح فخرَّ صريعًا عند أحد بوابات عقرباء (١) فسُمِّيت تلك البوابة التي سقط عندها أمير بني جَرْم باسم بوابة الجَرْمي، وقد تفرَّق بنو جَرْم والمتاريك عقب هذه الوقعة مع المساعيد، فسكن بنو جَرْم نواحي يافا وغزة وهم الجرامنة فيما سار المتاريك نحو بيسان في الشمال واستوطنوا هناك، فتم للمساعيد السيطرة على ديار بني جَرْم وأملاكهم وحدائقهم الغنَّاء وقد وضع المساعيد يدهم على أفضل الديار وهي التي عُرفت بغور الفارعة أو بغور المساعيد (٢)، وقد ظلَّ


(١) عقرباء قرية كبيرة من قرى قضاء نابلس.
(٢) غور المساعيد أو ما يسمى بفارعة المسعودي غرب نهر الأردن ضمن أراضي نابلس بالضفة =

<<  <  ج: ص:  >  >>