تسلكها والساعة التي تنهض أو تتوقف فيها أثناء السفر، وسلطته لا ينازعها منازع وتشبه السلطة التي يتمتع بها قبطان السفينة في العصور السابقة لعصرنا.
وقبل غروب الشمس تعسكر القافلة في موقع يختاره قائدها ويقوم الرجال بجمع الحطب ليشعلوا النار ويطبخوا الطعام، وبعدما يتناولون طعام العشاء يسمرون قليلًا ثم ينامون حتى الفجر فيستيقظون ويتناولون الشاي الأخضر ثم تنهض الجمال وتسير في طريقها، وعند الساعة ١١ تتوقف قليلًا دون أن تنزل الأحمال من على ظهور الجمال، ليتناولوا الشاي أو الحليب ثم تمضي في طريقها.
وفي العصور القديمة كانت الغازة والسلب والنهب نشاطًا منظمًا ومربحًا، تمامًا مثل الغارات التي كان يقوم بها القراصنة في البحر، والتقاليد والطرق التي كان الشعانبة يتبعونها في الغارة للقضاء على أعدائهم من مُسيِّري القوافل التي لا تتمتع بحمايتهم، هي التي اعتمدها الفرنسيون عندما شكلوا فرقة المهارى المشهورة والتي كان من بين مهامها تعقب المهربين، ومن المعروف أن هذه الفرقة هي التي قضت على قوة الطوارق العسكرية وزعْزعت نفوذهم في جنوب الصحراء عقب المعركة التي وقعت في "تيت" في ٧ مايو ١٩٠٢ م، وكذلك استوعبت فرقة المهارى عددًا كبيرم من عناصر الشعانبة الذين كانت لهم خبرة بمسالك الصحراء وطرق الغارة والهجوم.
ولما استقر الأمن والهدوء بعدما بسطت فرنسا سيطرتها الاستعمارية في ظل الحكم العسكري، تحول الشعانبة عن تجارة القوافل وجني الإتاوات إلى فتح المتاجر، وقد شمل نشاطهم هذا كل المنطقة التي تمتد من جنت في الاتجاه الغربي حتى أدرار، ومن غرداية جنوبًا، حتى تمنراست، وقد قدرت إحصائيات صدرت في سنة ١٩٣٧، أن فريق متليلي من الشعانبة كان يملك نسبة ٨٠% من مجموع الدكاكين والحوانيت التي كانت توجد في جميع مراكز العمران الواقعة في الربع الجنوبي الغربي من الصحراء، وأن عدد الشعانبة الذين يملكون دكاكين في ازدياد باستمرار.