للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناطق الصحراوية الغربية في ذلك الوقت تنقسم إلى مجالين أساسيين للنفوذ يفصل بينهما خط يمتد على وجه التقريب بين عين صالح غربًا وغدامس شرقًا. فأما، البلاد الواقعة في شمال هذا الخط، بينه وبين الزيبان، فهي مجال نفوذ الشعانبة ومسرح نشاطهم التجاري، بينما كان الطوارق يسيطرون على النشاط التجاري في المناطق التي تمتد جنوب هذا الخط حتى السودان، وكما كان الطوارق يسيِّرون القوافل ويفرضون إتاوات على القوافل التي يُسيِّرها غيرهم في مجال نفوذهم ويلجأون إلى الغارات والنهب والسلب لتدعيم احتكارهم، كان الشعانبة يلجأون إلى نفس الطرق لفرض سلطانهم في المناطق التي يسيطرون عليها، وكما قضت منافسة التجارة بالسيارة على قوافل الطوارق ونفوذهم، حطمت السيارة لدى دخولها إلى مجال نفوذ الشعانبة على سلطانهم واحتكارهم.

ولكنه إذا كان الطوارق قد تمكنوا من المحافظة على تجارة القوافل في الملح في منطقة نفوذهم في الجنوب، فإن الشعانبة قد استطاعوا الاحتفاظ بتجارة القوافل التي تمون القصور التي تقع في الشمال الغربي للصحراء، ولاسيما فيما يتصل بالجنوب الآتية من جبال الأطلس ومن الهضاب العليا الجزائرية ومادة السكر التي تأتي من قابس التونسية.

وقد كانت قوافل الشعانبة تسير بانتظام بين مرتفعات الأطلس جنوب وهران وبلاد السودان جنوبًا، عبر جرارة وتاد كيلت وتوات غربًا، وقابس وغدامس شرقًا، فأما القوافل التي يُسيِّرونها في اتجاه الشمال وفي إتجاه الشرق، فقد كانوا يسلحونها فكانت تتمتع بالاستقلال التام في عملياتها التجارية، ولكن القوافل التي كانوا يُسيِّرونها في اتجاه الجنوب كانت تدفع إتاوات للطوارق في مقابل حماية طريقها إلى عين صالح.

وقوافل الشعانبة كان يُسيِّرها تجار محترفون من الجمالين، وقلما يسير فيها صاحب الجمل نفسه، وأكبر الجمالين سنا وأحنكهم تجارب في التجارة ومعرفة الطرق هو الذي يتولى قيادة القافلة ويكون مسؤولًا على اختيار الطريق التي

<<  <  ج: ص:  >  >>