القرن الثامن للهجرة، وقال عن "أبو الليل": استبد أبو الليل بالرئاسة ثم وقع بينه وبين السلطان الحفصي بتونس وحشة فقدم على الكعوب مكانه محمد بن عبد الرحمن بن شيحة وراحمه أيامًا حتى رجع واستقام على طاعة السلطان فرجَّع له الرئاسة. والتفصيل عن تاريخ أولاد أبو الليل يطول في سرد العلَّامة ابن خلدون.
وهنا لنا وقفة، أنه يجب الإشارة لأبناء سعدى (السعادي) لم يظهر لهم ذكر في تاريخ العبر أو نهاية الأرب للقلقشندي أو حتى "قلائد الجمان" للقلقشندي الذي دوَّه عام: ٨٢ هـ ليستدرك فيه القبائل أو البطون التي غفل عنها في "نهاية الأرب" أو "صبح الأعشى"، وهذا كله لا يدع مجالًا للشك أن قبيلة السعادي بدأت النماء في برقة من جدهم الذئب بن أبي الليل في بداية القرن التاسع الهجري بعد موت القلقشندي عام ٨٢١ هـ، والذئب كان من ضمن ذرية أولاد أبو الليل الذين بطشت بهم الدولة الحفصية في تونس في أواخر القرن الثامن الهجري، وقد تفرقت - كما هو معروف - ذرية أولا أبو الليل وغالب بنو علَّاق من تونس إلى جهات عدة في ليبيا شرقًا والجزائر غربًا بعد أن كان لهم مُلك وجاه عريض في بلاد تونس عدة مئات من السنين - ودوام الحال من المحال - وتشتت بطون علَّاق من عوف كلها بسبب بغي أولاد أبو الليل وعشيرتهم من الكعوب على الناس وتكبرهم على السلطان، فالبلية تعم كما يقال في المثل العربي، ورغم أن أبناء الذئب (السعادي) قد نشأوا في برقة في وسط أغلبية من بطون سُلَيْم الأقدم في تلك النواحي، علاوة على قبائل المرابطين وغيرهم من البربر، إلا أن ذرية الذئب خلال قرنين أو أقل قد صاروا عشيرة قوية كثيرة العدد وظهر فيها فرسان. وأبطال ذاع صيتهم وتحدث عنهم الركبان، وقد تغلبوا على المرابطين وخشيهم أبناء عمومتهم من لبيد وسائر هيب من سُلَيْم القاطنين في برقة بليبيا منذ هجرة عرب سُلَيْم بن منصور إلى تلك البلاد من الحجاز مرورًا بمصر، وكان السعادي أشد بأسًا وأكثر سطوة من أي نوع من البدو، والواضح أنهم قد ورثوا