سيوفًا مرهفة ورماحًا مشرعة في خدمة مصر وإعلاء شأنها وتوطيد دعائم عرشها.
ولم يكن عمر أو عمَّار المصري مخطئًا أو مبالغًا فيما ذهب إليه، فقد سار عربان مصر مع سائر طبقات شعبها في القرى والمدن جنبًا إلى جنب في الحروب والغزوات وبذلوا مثلهم الدماء والأرواح في ربوع الشام وجبال لبنان وفي ربى وصحاري الحجاز وفي هضاب فلسطين وسهول السودان؛ حيث تضم مقبرة واحدة في بلدة شندي السودانية رفات نجل عمَّار المصري ومئات آخرين من رفاقه عربان الجوازي الشجعان الذين سقطوا في الميدان من أجل رفعة مصر ووحدة وادي النيل بين مصر والسودان، أما حادثة بلاط فإنها لم تكن فتنة من بعض العصاة من العربان للسلطات وقتئذ - كما وصفها بعض المؤرخين - ولم يكن الغرض منها السلب والنهب والخروج على السلطة الشرعية في البلاد كما ادعى البعض منهم بل الصحيح أنها كانت مظهرًا من مظاهر سياسة الدس والكيد من بطانة الحكام للعربان من هؤلاء الشراكسة والأتراك الذين أصابتهم الغيرة والحقد من البدو، لأنهم لا يساومون في كرامتهم ولا يقبلون الذل والهوان والاستكانة وهم أهل الصحراء التي هي أمامهم واسعة فضفاضة يلوذون بها يستنشقون فيها هواء الحرية وينعمون بالأمان من خسف الحكام وبطش مما له من أعوان، وقد أزال إسماعيل بحكمته وحنكته آثارها من الأذهان. وهناك بعض الرواة من يقول: إن قبيلة الجوازي لم تكن وحدها في معركة بلاط بل اشتركت ميها قبيلة الفوايد وقبيلة الهنادي وهذا؛ لأن الفوايد إخوة مع الجوازي ويجمعهم جد واحد هو برغوث الأكبر ابن الذئب، علاوة على أنهم كانوا مضطهدين من سعيد باشا لرفضهم دفع الضرائب وهي ما كان يسميها البدو الجزية وكانوا يأنفون من دفعها ويعتبرون ذلك ذُلا وهوانًا؛ لأنها ليست زكاة مال شرعي فهي في نظرهم جزية على العربان، وقد ذكر المؤرخون في مصر أن سعيد باشا كان يرسل حملاته لتأديب عربان المنيا والفيوم ولم يخص هنا الجوازي وحدهم، وهذه الأقاليم هي موطن رئيسي لقبائل